إدريس وما كان بينه وبين قومه إلى أن قال: فهبط إدريس من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصتين على مقلاة فقال لها: أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، قال لها: أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت: إنهما قرصتان واحدة لي والأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت وإن أطعمتك قوت ابني مات وما هاهنا فضل أطعمه فقال لها: إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها، فلما رأى ابنها يأكل إدريس من قرصه اضطرب حتى مات قالت له: يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته فقال لها إدريس: أنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله، أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت أمه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي (عليه السلام) وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم (1).
الخبر السابع: عن معاوية بن قرة قال: كان أبو طلحة يحب ابنه حبا شديدا فمرض فخافت أم سليم على أبي طلحة الجزع حين قرب موت الولد فبعثته إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما خرج أبو طلحة من داره توفي الولد فسجته أم سليم بثوب وعزلته في ناحية من البيت ثم تقدمت إلى أهل بيتها وقالت لهم: لا تخبروا أبا طلحة بشئ، ثم إنها صنعت طعاما ثم تمسحت شيئا من الطيب فجاء أبو طلحة من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما فعل ابني؟ فقالت له: هدأت نفسه ثم قال: هل لنا ما نأكل؟ فقامت وقربت إليه الطعام ثم تعرضت له فوقع عليها، فلما اطمأن قالت له: يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا وديعة فقبضها الله تعالى؟ فقال أبو طلحة: فأنا أحق بالصبر منك، ثم قام من مكانه فاغتسل وصلى ركعتين ثم