راغب في المال أو فقير كذاب أو شيخ فاجر أو صبي وقح أو امرأة رعناء، ثم بكى رسول الله، فقام إليه سلمان الفارسي (رحمه الله) وقال: يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سلمان إذا قلت علماؤكم وذهبت قراؤكم وقطعتم زكاتكم وأظهرتم منكراتكم وعلت أصواتكم في مساجدكم وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم والعلم تحت أقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم ولا يرحم كبيركم صغيركم ولا يوقر صغيركم كبيركم، فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم، وبقي الدين لفظا بألسنتكم، فإذا أوتيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) * (1) فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا: يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): عند تأخير الصلاة واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم الآباء والأمهات حتى تروا الحرام مغنما والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته وجفا جواره وقطع رحمه وذهبت رحمة الأكابر وقل حياء الأصاغر وشيدوا البنيان وظلموا العبيد والإماء وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور، ويسب الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ويعامل الشركاء بالخيانة، وقل الوفاء وشاع الزنا وتزين الرجال بثياب النساء وسلب عنهن قناع الحياء ودب الكبر في القلوب كدبيب السم في الأبدان وقل المعروف وظهرت الجرائم وهونت الفطائم وطلبوا المدح بالمال وأنفق المال للغناء وشغلوا بالدنيا عن الآخرة وقل الورع وكثر الطمع والهرج والمرج وأصبح المؤمن ذليلا والمنافق عزيزا، مساجدهم معمورة بالأذان وقلوبهم خالية من الإيمان واستخفوا بالقرآن، بلغ المؤمن عنهم كل هوان فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين، كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الحنظل فهم ذئاب وعليهم ثياب، ما من يوم إلا يقول الله تعالى: أفبي تفترون. أم علي تجترون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون، فوعزتي وجلالي لولا من يعبدني مخلصا ما أمهلت من يعصيني طرفة عين ولولا ورع الورعين من عبادي لما أنزلت من السماء قطرة ولا