إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٢٣٨
فيطيرون يمينا وشمالا كما قالوا: تتفرق بهم المذاهب وتنشعب لهم طرق الفترة، ويغترون بلمع السراب من كلام المفتونين، فإذا ظهر بعد السن الذي يوجب مثلها فيمن بلغه الشيخوخة والكبر وحنو الظهر وضعف القوى، شابا موفقا أنكره من كان في قلبه مرض وثبت عليه من سبقت له من الله الحسنى، بما وفقه الله إليه وقدمه إليه من العلم بحاله وأوصله إلى هذه الروايات من قول الصادقين (عليهم السلام) فصدقها وعمل بها، وتقدم علمه بما يأتي من أمر الله وتدبيره فارتقبه غير شاك ولا مرتاب ولا متحير ولا مغتر بزخارف إبليس وأشياعه؟
والحمد لله الذي جعلنا ممن أحسن إليه وأنعم عليه، وأوصله من العلم إلى ما لا يوصل إليه غيره إيجابا للمنة واختصاصا بالموهبة، حمدا يكون لنعمه كفاء ولحقه أداء (1).
وفي البحار عن محمد بن الحنفية في حديث: إن لبني فلان ملكا مؤجلا حتى إذا أمنوا واطمأنوا، وظنوا أن ملكهم لا يزول صيح فيهم صيحة فلم يبق لهم راع يجمعهم ولا داع يسمعهم وذلك قول الله عز وجل * (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) * (2) قلت: جعلت فداك هل لذلك وقت؟ قال: لا، لأن علم الله غلب علم الموقتين، إن الله وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمها بعشر لم يعلمها موسى ولم يعلمها بنو إسرائيل، فلما جاز الوقت قالوا: غرنا موسى فعبدوا العجل، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة في الناس وأنكر بعضهم بعضا فعند ذلك توقعوا أمر الله صباحا ومساء (3).
(وفيه) عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام): أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم، وليمحصن حتى يقال: مات أو قتل وهلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ولترفعن اثنا عشر راية مشتبهة لا يدري أي من أي. قال: فبكيت ثم قلت: فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة قال: يا أبا عبد الله ترى هذه

١ - غيبة النعماني: ٢١٢ ح ٢٠ باب ١٢.
٢ - سورة يونس: ٢٤.
3 - البحار: 52 / 104 وغيبة الطوسي: 427.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»