ذلك قرينة حال على إرادة المعنى المذكور من المولى، ومما يضحك الثكلى مقالة التفتازاني إن الشاهد على التأكيد منع احتمال طرو التخصيص في آية موالاة المؤمنين بالنسبة إلى علي (ع) وهذا الاحتمال لا يحتمله سفيه فضلا عن عاقل لأن عليا إن لم يكن الفرد الكامل من المؤمنين فلا أقل إنه واحد منهم، وهذا من التشبث بالحشيش، عجبا يرتكب النبي هذا الأمر الجسيم لسد باب الاحتمال والفاضل الروزبهاني لما وجد بشاعة هذا الاحتمال اعتذر بما يقرب منه، بأن النبي (ص) أراد الوصية بأهل بيته ليعلو شأنهم عند العرب وتزيد مرتبتهم فارتكب ما ارتكب، وأوقع ذلك في غدير خم، لأنه محل تفرق الناس إلى أطرافهم وأهاليهم، وهو أيضا كما ترى من إن شدة الاهتمام بهذا الأمر موجب إلى ما هو أعظم من ذلك وليس إلا التنصيب، ومن البديهي أن ليس المقصود من وصية النبي إبلاغ العرب الهمج الرعاع، بل العرب تابعة لرؤسائها، والمقصود إسماع من حضر من الناس ذلك بمحضر من أكابر المهاجرين والأنصار ليشهدوا عليهم إذا نكثوا وخالفوا، ولو كان المقصود مجرد الوصية بحبهم وإبلاغ ذلك العرب لوقع ذلك في عرفات أو في مكة، فأن النافر من مكة إلى أهله خلق كثير، فالمتدرب المتدبر يجزم بأن ذلك لم يكن إلا لأمر فوري عظيم، والمقصد فيه أخذ البيعة على الرؤساء وأعلام من حضر ليشهدوا عليهم، ولولا يوم الغدير وما وقع فيه من التنصيب لعلي (ع) لما وقع الاختلاف بين المسلمين ولا ادعى علي (ع) بأنه مغلوب على حقه ولا جلس في بيته، ولا قيد بحمائل سيفه ولدخل فيما دخل فيه الناس لو كان يعرف في ذلك إطاعة الله تعالى، ومن تدبر نهج البلاغة جزم بما قلناه.
(١٠١)