إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد - السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري - الصفحة ٤٦
بعمومه كذلك بعد ارتفاع الكراهة عنه وهل هو إلا كشق الثوب المرجوح أو المحرم لكل ميت إلا من الولد لوالد فترتفع المرجوحية أو الحرمة فيه بالمرة بل ربما ينقلب راجحا محضا أو يغلب رجحانه على المرجوحية التي فيه لغيره ولعله لكونه نوعا من التعظيم والاجلال المطلوب شرعا من الولد لوالده حيا وميتا بل هو الظاهر فلا يكون كشقه لغيره مما فيه نوع من التجري عليه سبحانه وتعالى والانضجار ونحوه وكالبكاء والجزع والتأسف ونحوها المذمومة شرعا لكل أحد إلا من الولد للوالد فإنه مندوب (1) وليس ذلك من القياس المحرم بل المنقح مناطه كما لا يخفى.

(١) ففي التهذيب ج ٢ ص ٢٨٣ آخر الكفارات عن الصادق (ع) قال ولا شئ في اللطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة: وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب فدلالته على الجواز والاستحباب فيما نحن فيه ظاهر جدا لاستشهاده بفعلهن وطلبه من الناس على الحسين عليه السلام ذلك وإن بلغ من الضرب الاحمرار والسواد بل الإدماء لما هو لازم الضرب عند اشتداد المصيبة.
وقال عليه السلام أيضا كل الجزع والبكاء مكروه ما سوى الجزع والبكاء لقتل الحسين (ع) بناء على إرادة اللطم وشق الثوب وغير ذلك مما يصدر من الجازع غير مكروه على الحسين (ع) بل فيه الفضل والرجحان مع حرمته على غيره (ع ) لحمل الكراهة على معناها الحقيقي.
وفي الجواهر المراد به فعل ما يقع من الجازع من لطم الوجه والصدر والصراخ ونحوها ولو بقريبة ما رواه جابر عن الباقر (ع) أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه وجز الشعر مضافا إلى السيرة في اللطم والعويل ونحوهما مما حرام في غيره قطعا فتأمل فلاحظ.
وفي زيارة الناحية المقدسة: قال (ع) فلما رأين النساء جوادك مخزيا إلى أن قال ( ع) برزن من الخدود ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وبالعويل نائحات.
قال في الجواهر ص 384 ح ل وما يحكى من فعل الفاطميات ربما قيل إنه متواتر فلاحظ: هذا وقد علم من كل ذلك أن اللطم على الصدور والخدود وشق الثوب وحث التراب على الرأس والصراخ والعويل ونحو ذلك كخمش الوجه والصدر وإرخاء الشعر ونشره وجزه أو نتفه يستحب على الحسين (ع) ويحرم على غيره بمقتضى هذه الروايات الشريفة والسيرة المستمرة عند أصحاب الأئمة المعصومين ( ع) في عصرهم حتى عصرنا الحاضر كما لا يخفى ومنه يعلم وجه ضرب السلاسل على الظهور وضرب القامات على الرؤوس.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»