إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد - السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري - الصفحة ٤٤
بالشطرنج ونحوه من آلات القمار وإن كان نوعا منه أيضا فإن ما كان تحريمه من حيث كونه لهوا لا غيره كما أشرنا إليه لا يصدق عليه عنوان اللهو بالضرورة في مثل المقام المقصود منه إقامة العزاء وهيجان الأحزان ونحوهما به في أيام مأتمه عليه السلام وحيث لا يصدق عليه ذلك العنوان المحرم من حيث اللهوية بالقصد المغير له بالضرورة جاز بل ندب واستحب لاندراجه حينئذ في عموم ما دل على مطلوبية شعار الحزن والتحزن عليه (ع) بما يصدق عليه ذلك في العرف والعادة وإن لم يرد عليه دليلا بالخصوص كاللطم والضرب بالراحتين على الصدور الذي جرت عليه السيرة من الخواص (1) فضلا عن العوام من الشيعة في مأتمه عليه السلام سيما في أيام العشرة الأولى من المحرم ولياليها

(1) أقول وقد كانت مواكب العلماء والفقهاء تخرج في كل سنة ليلة عاشورا في كربلا المقدسة يتقدم الموكب السادة ثم الشيوخ وفيهم مراجع الفتيا والتقليد لاطمين بأيديهم على صدورهم حافي القدمين وقد لطخ بعضهم جباههم في غاية الانكسار والحزن والكآبة بحيث كل من كان ينظر إليهم تنقلب أحواله من البكاء والصراخ حيث أنهم ممثلوا ولي العصر عجل الله فرجه وهذا الموكب على ما قيل أسسه سيد فقهاء عصره السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وجد سيدنا المؤلف قده.
كما سمعت أنهم كانوا يخرجون في كل سنة ليلة عاشوراء في قم المقدسة أيضا وكان هذا الموكب من بركات مؤسس الحوزة العلمية آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري قده وكان هو ره معهم خلف موكب السادة احتراما لهم كما حدثني ولده الفقيه الشيخ مرتضى دامت بركاته الذي هو اليوم من أجلة علمائنا العاملين وعليه سيماء فقهائنا الأقدمين قد شابه أباه في العلم والعمل والكرم ومن يشابه أباه فما ظلم سلمه الله وأبقاه ومن كل مكروه وقاه.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»