إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد - السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري - الصفحة ٣٥
في مساقها وما اشتمل عليه من تعليل المنع فيها مرة بأنه لباس فرعون وتارة بأنه لباس أهل النار كما في أكثرها وأخرى بما يقرب منه من أنه زي بني العباس ومن منع التلبس بلباس الأعداء بقول مطلق كالأخير منها الذي هو عند التحقيق كالمتضمن لهبوط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم متلبسا بزي عجيب أخبر بأنه زي بني العباس ومن منع التلبس بلباس الأعداء بقول مطلق كالأخير منها الذي هو عند التحقيق كالمتضمن لهبوط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم متلبسا بزي عجيب أخير بأنه زي بني العباس بمنزلة المبين لعنوان الحكم الكراهي وموضوعه المعلق عليه أن كراهة لبس السواد ليست من حيث كونه لبس سواد تعبدا.
وإلا لما استثنى منه (1) من نحو الخف والعمامة والكساء بل إنما هي من حيث كونه زي أعداء الله سبحانه الذين اتخذوه من بين سائر الألوان ملابس لهم فيكون الممنوع عنه حينئذ التزي بزيهم والتشبه بهم الذي منه التلبس بما اتخذوه ملبسا لا نفسهم الذي لبس منه الكساء والعمامة وغيرهما مما استثنى منه في النصوص المتقدم إليها الإشارة.
ومعلوم أن عنوان التشبه بهم ونحوه من التزي بزيهم لا يتأتى مع كون القصد من ذلك غيره (2) بل الدخول في عنوان هو في نفسه

(١) يعني صحة الاستثناء يكشف أن الكراهة غير ذاتية وإلا لما صح الاستثناء وعليه فتكون الأخبار الناهية عن لبسه إرشادا إلى النهي عن اتخاذه زيا وشعارا لئلا تحصل المشابهة بأعداء الله تعالى ورسوله (ص) وأوليائه عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ويكون الحكم بالحرمة أو الكراهة بالعنوان الثانوي فتأمل.
(٢) يعني أن التشبه من الأمور القصدية كما يقتضيه باب التفعل أيضا ومثله القيام الذي يقصد به التعظيم تارة والسخرية أخرى أو مثل مد الرجل أمام ضريح الإمام عليه السلام أو القرآن فإنه تارة يكون لوجع وأخرى للإهانة الذي لا شك في حرمته وخلاصة الكلام أن الحكم في أمثال هذه الموارد المشتركة بين الراجح والمرجوح يكون دائرا مدار القصد وعليه فلو قصد من لبسه التشبه يكون مرجوحا وإن قصد التحزن به يكون مستحبا: أو يقال إن لبس السواد حيث ينتزع منه عنوان المشابهة وصدق الشعار عليه يكون مرجوحا وإذا لم ينتزع منه ذلك العنوان بل ينتزع منه عنوان العزاء والمصيبة لأجل سيد الشهداء (ع) والأئمة كما في عصرنا هذا يكون لبسه راجحا للعمومات الدالة على استحباب إظهار المصيبة والعزاء كما لا يخفى.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»