إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد - السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري - الصفحة ٣٩
ليخصص بها ولعل في قوله عليه السلام أما أني ألبسه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار:
إشارة لطيفة إلى ذلك أي لا يتوهم المتوهم أني ألبسه ولا أعلم أنه من لباس أهل النار بل ألبسه لكن لا للتلبس بلباسهم بل لغرض آخر لا يتأتى معه ذلك فلا يكون من المكروه والله أعلم.
هذا: وفي الوسائل (1) عن العلل بسنده المتصل إلى داود الرقي.
قال: كانت الشيعة تسئل أبا عبد الله عليه السلام عن لبس السواد قال: فوجدناه قاعدا وعليه جبة سوداء وقلنسوة سوداء وخف أسود مبطن ثم فتق ناحية منه وقال أما أن قطنه أسود وأخرج منه قطنا أسود: ثم قال: بيض قلبك وألبس ما شئت (2).
وفيه كما ترى إشارة لطيفة إلى ما أشرنا إليه فكأنه صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين أراد بقوله ببيض قلبك أنه بيضه بنور معرفتنا وولايتنا والتشبه بنا وبموالينا وألبس حينئذ ما شئت فلا بأس به ولو كان أسود: فهو بعد التأمل فيه والتحقيق بالنظر الدقيق مبين للمراد من كراهة لبس السواد التي تضمنتها النصوص السابقة على اختلاف مضامينها:
وبالجملة الإنصاف يقتضي الاعتراف بعدم شمول أدلة كراهة لبس السواد بعد الإحاطة بما ذكرناه لو كان المقصود منه التحزن

(1) ج 3 ص 280 حديث 9 باب 19.
(2) أقول وليس الحديث بمجمل كما توهم لأن المراد من قوله (ع) والبس ما شئت أي من الألوان ونحوها من الأشكال التي لم يرد فيها نهي خاص كالذهب والحرير للرجال ولباس الشهرة مما هو منهي عنه وثابت حرمته بالنص والاجماع والضرورة: حيث إن قوله (ع) في بيان دفع التوهم المذكور من الحزازة في لبس السواد الذي كانت الشيعة تسأل عنه.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»