إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد - السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري - الصفحة ٣٧
بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة (1) وكفاها بذلك ونحوه (2) مما لا يعد فخرا وعلما وقدرا.
فكيف يخفى على مثلها مع تلك الجلالة وعظم الشأن والقدر والبالة تلك الكراهة الشديدة المستفادة من الأدلة فإن هو إلا لعدم تحقق ذلك العنوان الغير المحبوب.
في نحو هذا التلبس المطلوب من حيث كون المقصود منه عنوانا آخر غير التشبه والتزي بزي الأعداء:
بل التحقيق أنه لا يتأتى العنوان المكروه إلا مع غير عنوان التلبس بلباس الحزن في المأتم من سائر الأغراض المستحسنة الممدوحة عرفا وشرعا كما لو كان المقصود منه التجمل به مثلا لو كان مما يحصل به ذلك كلبس جبة خز دكناء كما ورد في الحديث المروي عن أبي جعفر عليه السلام بسند معتبر في الوسائل (1).

(1) هذه الجمل الذهبية الصادرة عن الإمام المعصوم (ع) في حق عمته سلام الله عليها من أعظم جمل الثناء والمدح الدالة على أن علمها بالأحكام الإلهية يفاض عليها بنحو ما يفاض على المعصوم (ع) وإنه لدني غير اكتسابي ويكون نتيجة ذلك حجية فعلها وقولها بل وتقريرها عليها السلام لثبوت جلالتها والمقام المنيع لها عند الأئمة عليهم السلام كما لا يخفى فلاحظ.
(2) كوصاياه عليه السلام إياها وتوديع الأهل والعيال والأطفال عندها وغير ذلك من أسرار الإمامة كما هو المذكور في كتب المقاتل فلاحظ وراجع (1) رواه في الوسائل ج 3 ص 278 حديث 3 بسنده عن أبي علي الأشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمر وبن شمر عن أبي جعفر (ع): قال:
قتل الحسين بن علي (ع) وعليه جبة خز دكناء الحديث قال الحر ره بعد نقل الحديث (أقول) هذا محمول على الجواز ونفي التحريم انتهي.
(قلت) الظاهر أن مراده من الجواز هو بالمعني الاسم الذي لا ينافي الكراهة فلاحظ.
هذا وروى شيخنا الكليني (قده) ج 2 من فروع الكافي ص 205 عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن سليمان بن راشد عن أبيه:
قال رأيت علي بن الحسين عليهما السلام وعليه دراعة سوداء وطيلسان أزرق:
والدراعة واحدة الدراريع وهو قميص.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»