منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ٤٢٤
لأنه هو الذي أوجب الفساد دون الإقرار بالمستثنى منه ولأصالة بقاء الصحة فلو قال له عشرة إلا عشرة أو إلا خمسة عشر كان إقرارا بالعشرة وكذا لو قال له ثلاثة إلا درهما ودرهما ودرهما يبطل الأخير لأن به الاستغراق لا بغيره واحتمل ضعيفا بطلان الجميع ولا وجه له ولا يشترط فيهما الاتحاد في الحبس فيجوز الاستثناء من غير الجنس ويعبر عنه بالمنقطع لوروده في القرآن وكلام العرب فضلا عن اتفاق النحاة على الظاهر المصرح به وباتفاق أهل اللغة من بعضهم بل لو قال له علي ألف درهم إلا ثوبا وإلا عبدا صح عند علمائنا كما في التذكرة فلو قال له علي عشرة دراهم إلا ثوبا قبل وسقط منه قيمة الثوب ورجع إليه في تفسيرها وقبل منه ما لم يستغرق وتصوير هذا أن يكون له عليه ألف فيتلف صاحب الحق على المدين ثوبا أو يدفع إليه ثوبا قضاء مثلا ولو استغرق ففي بطلان الاستثناء أو التفسير قولان أظهرهما الثاني لأصالة بقاء صحة الاستثناء ولأن الفساد إنما نشاء من التفسير فيختص به ويطالب بآخر ولا ينافيه أصالة الحقيقة في المستثنى منه فإن الإخراج قبل الحكم فالحقيقة بحاله ولا فرق فيه بين المكيل والموزون والمعدود وغيرها ولو تردد بين الاستغراق وعدمه حمل على العدم فلو قال له علي مال إلا مالا أو شئ إلا شيئا حمل المستثنى على أقل متمول فيكون المستثنى منه زايدا عليه ويطالب تفسيرهما وهل هو حقيقة أو مجاز قولان أصحهما الثاني لتبادر الغير فلا يكون مشتركا لا لفظيا ولا معنويا فلو قال له علي ألف إلا درهما فالكل درهم ومنه يبين أنه لا يصار إليه عند تعذر أن يكون الاستثناء متصلا وكذا لا يشترط كون المستثنى منه من الكليات فيصح الاستثناء من الأعيان وظاهر الثانيين الإجماع عليه كما لو قال له هذه الدار إلا هذا البيت وهذا الخاتم إلا هذا الفص وهذه العبيد إلا واحدا أو إلا هذا ولا نقصان المستثنى عن الباقي من المستثنى منه بل يكفي في صحته أن يبقى شئ قل أو كثر إجماعا كما هو ظاهر السيوري وغيره مع أن الاستثناء لا ينفك عن المستثنى ويمكن الإخراج قبل الإسناد فالاستثناء إن كان مع الأكثر فظاهر في إخراجه ولا فائدة في البحث عن حقيقة الاستثناء في الإقرار بل بل مطلقا فإن ما يبتنى عليه الأحكام إنما هو على المستعمل فيه هنا وهو ما يكون مع المستثنى لا على الحقيقة فبه يتم صحة الاستعمال والإقرار على أن إجماع أهل اللغة على أن الاستثناء مخرج كما حكاه الرضي ولا إخراج إلا مع الدخول فتعين ما قلنا فلو قال له علي عشرة إلا تسعة لزمه واحد ثم أدوات الاستثناء حكمها حكم إلا فإذا قال له عندي عشرة سوى درهم أوليس درهما أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عدا أو لا يكون درهما أو غير درهم بالنصب لا بالرفع فإنه حينئذ وصف لا استثناء فهو إقرار بتسعة ثم حكى المستثنى والمستثنى منه متناقضان عرفا للتبادر وغيره فالاستثناء من الإثبات ففي وبالعكس للتبادر وصحة التكذيب مع المخالفة والنقل المستفيض من أهل اللغة وغيرها إلا أن أبا حنيفة أنكر الحكم فيها أو في الأخير مدعيا ثبوت الواسطة لكنه مسبوق بالإجماع تحقيقا ونقلا وملحوق به ولبطلانه وجوه أخر قررناها في الإشارات كساير أحكام الاستثناء مع
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»