نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟!! فإن كان قال النبي صلى الله عليه وآله: " أنت من أهل الجنة " ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة ولم يصدق النبي صلى الله عليه وآله فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي صلى الله عليه وآله فلم يسأل حذيفة فهذان الخبران متناقضان في أنفسهما؟
(ولقائل أن يقول: هذه الرواية - على تقدير صحتها - تدل على أن العشرة التي من جملتهم طلحة والزبير، وأضرابهما أفضل. ثم هذه الأفضلية إن اقتضى التقديم والأمانة فتكون العشرة أئمة، وهذا خلاف ما عليه الأمة) فقال: الآخر: قد قال النبي صلى الله عليه وآله: وضعت في كفة الميزان ووضعت أمتي رجحت بهم ثم وضع في مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم، ثم رفع الميزان.
فقال المأمون: هذا محال من قبل أنه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنه محال، لأنه لا يرجح أجسامهما وأجسام الأمة وإن كانت أفعالهما فأتم تكن بعد فكيف ترجح بما ليس وخبروني بم يتفاضل الناس.
فقال بعضهم: بالأعمال الصالحة، قال: فمن فضل صاحبه على عهد رسول الله، ثم إن المفضول عمل بعد وفاة النبي بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي صلى الله عليه وآله أيلحقه؟ فإن قلتم: أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهادا وحجا وصوما وصلاة وصدقة، قالوا: صدقت لا يلتحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي صلى الله عليه وآله.
(ولقائل أن يقول: هذه الرواية - على تقدير صحتها لعل مراده صلى الله عليه وآله برجحانه على الأمة، رجحانه صلى الله عليه وآله عليهم من حيث الأعمال