الباب الثاني والثلاثون والمائة في خوفه (عليه السلام) من الله وبكائه من خشية الله تعالى وخبر ضرار، وتصور الدنيا له (عليه السلام) وطلاقه الدنيا من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث الأول: في رسالة الأهواز للصادق (عليه السلام)، قال أبي: قال علي بن الحسين (عليه السلام): سمعت أبا عبد الله الحسين يقول: حدثني أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " إني كنت بفدك في بعض حيطانها وقد صارت لفاطمة، قال: فإذا أنا بامرأة قد قحمت علي وفي يدي مسحاة، وأنا أعمل بها، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها، فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي، وكانت من أجمل نساء قريش فقالت: يا بن أبي طالب هل لك أن تتزوج بي فأغنيك عن هذه وأدلك على خزائن الأرض، فيكون لك المال ما بقيت ولعقبك من بعدك، فقلت لها: من أنت حتى أخطبك من أهلك؟ قالت أنا الدنيا، قلت لها: فارجعي واطلبي زوجا غيري، وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول:
لقد خاب من غرته دنيا دنية * وما هي إن غرت قرونا بطايل أتتنا على زي العزيز بثينة * وزينتها في مثل تلك الشمايل فقلت لها غري سوائي فإنني * عزوف عن الدنيا ولست بجاهل وما أنا والدنيا فإن محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل وهبها أتتنا بالكنوز ودرها * وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرها * وتطلب من خزانها بالطوائل فغري سواي إنني غير راغب * بما فيك من ملك وعز ونائل فقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا وأهل الغوايل فإني أخاف الله يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زايل فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعه لأحد حتى لقي الله محمودا غير ملوم ولا مذموم، ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم، لم يتلطخوا بشئ من بواقيها صلى الله عليهم أجمعين