وأحسن مثواهم " (1).
الثاني: ابن شهرآشوب وغيره واللفظ له: قال معاوية لضرار بن ضمرة: صف لنا عليا فقال: كان والله صواما بالنهار قواما بالليل، يحب من اللباس أخشنه ومن الطعام أجشبه، وكان يجلس فينا ويبتدي إذا سكتنا، ويجيب إذا سألنا، يقسم بالسوية ويعدل في الرعية، لا يخاف الضعيف من جوره، ولا يطمع القوي في ميله، والله لقد رأيته ليلة من الليالي وقد أسبل الظلام سدوله وغارت نجومه، وهو يتململ في المحراب تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ولقد رأيته مسيلا للدموع على خده، قابضا على لحيته يخاطب دنياه فيقول: " يا دنيا أبي تشوقت ولي تعرضت؟ لا حان حينك فقد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعيشك قصير وخطرك يسير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق " (2).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن المخزومي قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب عن موسى بن أبي أيوب التميمي عن موسى بن المغيرة عن الضحاك بن مزاحم، قال: ذكر علي (عليه السلام) عند ابن عباس بعد وفاته فقال: وا أسفاه على أبي الحسن، مضى والله ما غير ولا بدل وما قصر ولا جمع ولا منع، ولا آثر إلا لله، والله لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله، ليث في الوغى، بحر في المجالس، حكيم في الحكماء، هيهات، قد مضى إلى الدرجات العلى (3).
الرابع: ابن بابويه قال: حدثني أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة الثمالي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب إذا أتى بالمال أدخله بيت مال المسلمين، ثم جمع المستحقين، ثم ضرب يده في المال فنثره يمنة ويسرة وهو يقول: " يا صفراء يا بيضاء لا تغريني، غري غيري، هذا جناي وخياره فيه إذ كان جان يده إلى فيه " ثم لا يخرج حتى يفرق ما في بيت مال المسلمين ويؤتي كل ذي حق حقه، ثم يأمر أن يكنس ويرش، ثم يصلي فيه ركعتين، ثم يطلق الدنيا ثلاثا يقول بعد التسليم: " يا دنيا لا تتعرضي ولا تتشوقي ولا تغريني، فقد