قال: " عجت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كفرهم وحلم الله عنهم " فمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ثم قال:
" أبشر فإنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق، ولولا أنت لم يعرف حزب الله " (1).
الخامس: صاحب كتاب الصفوة في فضائل العشرة من العامة قال: أخبرنا أبو بكر بن حبيب الصوفي قال: حدثنا أبو سعيد بن أبي صادق الحيري قالوا: أنبأنا أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي قال: حدثنا عبد الله بن فهد قال: حدثنا فهد بن إبراهيم الساجي قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا عبد الواحد بن أبي عمرو عن الكلبي عن أبي صالح قال معاوية بن أبي سفيان لضرار بن ضمرة: صف لي عليا.
قال: أو تعفيني؟
قال: لا أعفيك.
قال: أما إذا لا بد فإنه والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة، يقلب كفيه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه ويبتدأنا إذا أتيناه، ويأتينا، إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ولا نبتدئه لعظمته، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف عن عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول: " يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت أم لي تشوقت؟ هيهات، هيهات، غري غيري، قد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ".
قال فذرفت دموع معاوية على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟
قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقى عبرتها ولا يسكن حزنها (2). وهذا الخبر من مشاهير الأخبار في الكتب والأسفار.
السادس: وفي نهج البلاغة خبر ضرار بن ضمرة الضباني عند دخوله على معاوية ومسألته عن