والله لو وقع سيفي في يدي لعلمت أنكم لن تصلوا إلى هذا أبدا، والله لم ألم نفسي في جهادكم، لو كنت استمكنت من الأربعين رجلا لفرقت جماعتكم ولكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني، وقد كان قنفد لعنه الله حين ضرب فاطمة (عليها السلام) بالسوط حين حالت بينه وبين زوجها أرسل إليه عمر إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها، فألجأها قنفد لعنه الله إلى عضادة باب بيتها ودفعها فكسر لها ضلعا من جنبها وألقت جنينا من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلوات الله عليها من ذلك شهيدة، فلما انتهى بعلي إلى أبي بكر انتهره عمر وقال له: بايع.
فقال له علي (عليه السلام): إن أنا لم أبايع فما أنتم صانعون؟
قالوا: نقتلك ذلا وصغارا، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال أبو بكر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا نعرفك بهذا، فقال: أتجحد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بيني وبينه؟
قال: نعم، فأعاد عليه ذلك ثلاث مرات، ثم أقبل علي (عليه السلام) فقال: يا معاشر المسلمين والمهاجرين والأنصار أنشدكم الله، أسمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خم كذا وكذا، وفي غزوة تبوك كذا وكذا فلم يدع شيئا قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) علانية للعامة إلا ذكرهم إياه.
قالوا: اللهم نعم، فلما أن تخوف أبو بكر أن تنصره الناس وأن يمنعوه منه بادرهم فقال له: كلما قلت: حق قد سمعناه بأذاننا وعرفناه ووعته قلوبنا ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول بعد هذا: إنا أهل بيت اصطفانا الله تعالى واختار لنا الآخرة على الدنيا، فإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة، فقال علي (عليه السلام): هل أحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهد هذا معك؟
فقال عمر: صدق خليفة رسول الله قد سمعته منه كما قال، قال: وقال أبو عبيدة وسالم مولى حذيفة ومعاذ بن جبل قد سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لهم علي (عليه السلام): لقد وفيتم بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها في الكعبة، إن قتل الله محمدا أو مات لتزوون هذا الأمر عنا أهل البيت.
فقال أبو بكر: فما علمك بذلك؟ أطلعناك عليها فقال علي (عليه السلام): يا زبير وأنت يا سلمان وأنت يا أبا ذر وأنت يا مقداد أسألكم بالله وبالإسلام، أسمعتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك: وأنتم لتسمعون أن فلانا وفلانا - عد هؤلاء الأربعة (1) - قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا فيه وتعاقدوا أيمانا على ما صنعوا، إن قتلت أو مت أن يتظاهروا عليك وأن يزووا عنك هذا الأمر يا علي قلت: بأبي أنت يا رسول الله فما تأمرني إذا كان ذلك؟ فقال لي: إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم وإن لم تجد أعوانا فبايع وأحقن دمك فقال: أما والله لو أن أولئك الأربعين الرجل الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم