يصبحوا محلقين رؤوسهم ومعهم سلاحهم على أن يبايعوه على الموت، وأصبحوا لم يوافقه منهم إلا أربعة.
[فقلت لسلمان: من الأربعة؟] قال: أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام ثم غادرهم ليلا يناشدهم فقالوا: نصحبك بكرة فما أتاه منهم أحد غيرنا، فلما رأى علي غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في المصحف القرطاس والاسيار والرقاع، فلما جمعه كله كتبه [بيده] على تنزيله والناسخ منه والمنسوخ، وبعث إليه أبو بكر أن أخرج فبايع فبعث إليه علي (عليه السلام) إني مشغول ولقد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن فأجمعه، فجمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنادى بأعلى صوته: يا أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد، فلم ينزل الله تعالى على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها، وليست منه آية إلا وقد أقرأني إياها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها ثم قال لهم علي لئلا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي، فأدعوكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته.
فقال عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا إليه، ثم دخل علي (عليه السلام) بيته فقال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي (عليه السلام) فلسنا في شئ حتى يبايع ولو قد بايع أمناه، فأرسل أبو بكر: أجب خليفة رسول الله فأتاه الرسول فقال له ذلك فقال له علي (عليه السلام): ما أسرع ما كذبتم على رسول الله، إنه ليعلم والذين حوله أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري فذهب الرسول فأخبره بما قال له فقال: اذهب فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر، فأتاه فأخبره بذلك فقال له علي (عليه السلام): سبحان الله، والله ما طال العهد فينسى، فوالله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، وقد أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو سابع سبعة فسلموا عليه بإمرة المؤمنين فاستفهمه هو وصاحبه ومن بين السبعة وقالا: أحق من الله ورسوله؟
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم حقا حقا من الله ومن رسوله إنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عز وجل يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار فانطلق الرسول فأخبره بما قال، فسكتوا عنه يومهم ذلك، فلما كان الليل حمل علي (عليه السلام) فاطمة (عليها السلام) وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أتاه في منزله فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب له منهم أحد غير الأربعة، فإنا