بالفتح المبين في كشف حق اليقين قال (صلى الله عليه وآله): " أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب " وقوله كرم الله وجهه: " والله لو ثنيت لي وسادة " الحديث ولهذا كان الصحابة يرجعون إليه في أحكام الكتاب ويأخذون عنه الفتاوى وقد دلهم على زللهم، كما قال عمر بن الخطاب في عدة مواطن: لولا علي لهلك عمر. قال: وقال صاحب الينابيع: سأل قوم من اليهود عمر في زمن خلافته عن مسائل بشرط إن أجابهم هو أو غيره من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) آمنوا به (صلى الله عليه وآله) وقالوا: ما قفل السماء؟ وما مفتاح ذلك القفل؟ وما القبر الجاري؟ ومن الرسول الذي وعظ قومه ولم يكن من الجن ولا من الإنس ومن الخمسة الذين يسيرون في الأرض ولم يخلقوا في أرحام الأمهات؟ وما يقول الديك في صوته والدراج في صديده والقمري في هديره والفرس في صهيله والحمار في نهيقه والضفدع في نقيقه؟
فأطرق عمر زمانا ثم رفع رأسه وقال: لا أدري فقالوا: علمنا أن دينكم باطل، فغدا سلمان جدا وأخبر عليا بالقصة فأتى، فلما رآه استقبله وعانقه وأخبره بالقصة فقال كرم الله وجهه " لا تبال فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علمني ألف باب من العلم كان ينشعب منه ألف باب آخر ".
قال عمر: فسألوه عنها فقال في جوابهم: " أما قفل السماء فهو الشرك وأما مفتاح ذلك القفل فقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله " قالوا: صدق الفتى ثم قال: " وأما القبر الجاري فهو الحوت الذي كان يونس في بطنه حيث دار به في سبعة أبحر، وأما الرسول الذي لم يكن من الجن والإنس فنملة سليمان كما قال الله تعالى: * (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) * (1) وأما الخمسة الذين لم يخلقوا من أرحام الأمهات فآدم وحواء وناقة صالح وكبش إبراهيم وثعبان موسى، وأما الديك فيقول: اذكروا الله أيها الغافلون، وأما الدراج فيقول: الرحمن على العرش استوى، وأما القمري فيقول: اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد، وأما الفرس فيقول عند الغزو: اللهم انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين، وأما الحمار فيلعن العشار ولا ينهق إلا في وجه الشيطان، وأما الضفدع فيقول: سبحان ربي المعبود في لجج البحار " (2).
وروي أنهم كانوا ثلاثة فآمن منهم اثنان وقام ثالثهم فسأل عن أصحاب الكهف وعن أسمائهم وأسماء كهفهم واسم كلبهم فأخبر بكلها علي رضي الله عنه كما رواه عنه صاحب الكشاف في تفسير سورة الكهف وقص قصتهم فآمن اليهودي، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): " قسمت الحكمة عشرة أجزاء