والثاني أنه جعلها فداءا لوجه رسول الله (ص) والثالث إشعاره باه؟ توقف حين تفرق الأصحاب فإنه إنما شلت إصبعه وإنما جعل يده فداءا لوجه نفسه حين سلوا السيف على رأسه ويدل على ذلك اختلاف كلمة القوم حيث قال ابن عبد البر في الاستيعاب إنه اتقى عن النبي (ص) النبل بيده حتى شلت إصبعه انتهى ولما رأى الشقي الناصب وقاية السهم باليد غير متعارف وشل الإصبع أمر هين بدل وقاية السهم بوقاية السيف وشل الإصبع بشل اليد ويدل على أن طلحة لم يكن ممن تعيد به في الحروب قول علي (ع) فيه لا عز به من نصره ولا ذل من خذله وهو دليل على كذب الثالث وإن طلحة كان من أهل الهرب والفرار دون السكون والقرار وأما ما ذكره من أن عثمان كان مزوجا بابنة رسول الله (ص) إلى آخره فقد مر ما فيه من كذب تزوجه بابنة رسول الله (ص) وإنما كان مزوجا بربيبته فلا يتفرع على ذلك ما زعمه من صعوبة تركها على أن ذلك إنما يصعب عليه إذا كان من أهل الدين والفرض إنه أراد الخروج عن الدين فافهم وأما ما ذكره بقوله وأي ملك كان يهوديا في الشام حتى يستولي على الحجاز فمردود بأنه وإن لم يحضرني الآن خصوصية ذلك الملك لكن ما ذكره الناصب رواية عن عبد الله بن أبي سلول بين أنه قال في وجه عدم تبريه عن اليهود إني أخشى الدوار وينفعني موالاتهم إلى آخره يدل على أنه كان في تلك الناحية من اليهود من يلجأ إليه عند الخوف وأيضا يدل عليه ما ذكره الناصب سابقا في فصل تخلف الثلاثة عن جيش أسامة من قوله كان رسول الله (ص) يبعث جيش أسامة طلبا لقصاص زيد وليبلغ خبر قوة الإسلام إلى ملوك الشام فلا يقصدوا المدينة إلى آخره وأما ذكره من أنه لما أراد النبي (ص) التوجه إلى محاربة ملوك الشام منعه عمر عن ذلك إلى آخره وأما عدم رجوع عثمان إلى أبي سفيان فيجوز أن يكون وجه يأسه عن التفاته إليه لتظاهره مدة بالإسلام ودخوله في سواد عسكر النبي (ص) وأيضا مصاهرته الظاهرية للنبي (ص) كان موجبا لأخذ انتقام النبي (ص) وأقل المرتبة أن يجعله في معرض الاتهام وأيضا كان أمر الغالبية والمغلوبية كان متشابها متشايكا بين النبي (ص) وكفار مكة ولم يكن يظهر آثار الغلبة من أحد الطرفين خاف أنه إن رجع إلى أبي سفيان بمطة ربما غلب النبي (ص) بعد ذلك عليهم فلا يبقى له وجه عند النبي (ص) ونصيب من جاهه وسلطنته وإن وقف عند النبي (ص) ربما غلبوا عليه ويسري الضرر وأيضا إليه وأما ما يظهر من كلام الناصب إن السدي من أهل الحلة فمردود بما مر من رواية مثل الحميدي عنه في كتابه وقد روى عنه ابن حجر المتأخر أيضا في صواعقه وغيره وهذا كله دليل على أنه من أهل السنة وممن يعتبر رواياته عندهم في تفسيره وغيره ويتضح ذلك مما ذكره السمعاني في كتاب الأنساب حيث قال المشهور وبهذه النسبة إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذويب وقيل ابن أبي كريمة السدي الأعور مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد مناف حجازي الأصل سكن الكوفية يروي عن أنس بن مالك وعبد خير وأبي صالح وقد رأى ابن عمر وهو السدي الكبير ثقة مأمون روى عنه الثوري وشعبة وزايده وسماك بن حرب وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي ومات لسنة 127 في إمارة ابن هبيرة وكان إسماعيل بن أبي خالد يقول السدي أعلم بالقرآن من الشعبي وقال أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إسماعيل بن عبد الرحمن السدي يكنى أبا محمد صاحب التفسير وإنما سمي السدي لأنه نزل السدة وكان أبوه من كبار أهل إصبهان توفي سنة 127 في ولاية بني مروان روي عن أنس بن مالك وأدرك جماعة من أصحاب النبي (ص) منهم سعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري وابن عمر وأبو هريرة ابن عباس وحدث عنه الثوري وشعبة وأبو عوانة والحسن بن صالح قال ابن أبي حاتم إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الأعور مولى زينب بنت قيس بن مخرمة أصله حجازي يعد في الكوفيين قال يحيى بن سعيد ما سمعت أحدا يذكر السدي إلا بخير ما تركه أحد انتهى كلامه وأما ما ذكره من أن السدي والمصنف وساير شيعة الحلة لا يعلمون الوضع فهو صادق في ذلك بالنسبة إلى المصنف وأهل الحلة فإن العلم بطريق وضع الحديث والافتراء على الله ورسوله إنما هو عمل النواصب عند اضطرارهم إلى نصرة مذهبهم الباطل بذلك وأما السدي فهو وإن كان من أهل السنة ونحن لا نحكم عليه بكونه ثقة أو وضاعا لكن الحميدي والسمعاني وابن حجر قد حكموا بكونه من أهل السنة وصرحوا بكونه ثقة مأمونا والحمد لله الذي فضح الناصب الشقي المهذار فيما أجاب به عن مطاعن أئمته الداعين إلى النار وزاد عليهم الطعن واللوم والعار وفقنا لدفع أجوبته بما يرتضيه أولوا البصاير والأبصار ولنعم ما قلت في جواب ما ذكره من الأشعار شعر دفعنا ما أجابه شقي غبي قد حوى كل الملاعن فتلعنه ذووه بأن ما قال جواب زاد في تلك المطاعن فقد صدق اللعين إذا بما قال فصيرنا مطاعنه ملاعن قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع في مطاعن معاوية وهي أكثر من أن يحصى وقد روى الجمهور منها أشياء كثيرة منها ما روي الحميدي في الجمع بين الصحيحين قال قال رسول الله (ص) ويح عمار يقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار فقتله معاوية ولما سمع معاوية اعتذر فقال قتله من جاء به فقال ابن عباس فقد قتل رسول الله (ص) حمزة لأنه جاء به إلى الكفار انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قول أهل السنة والجماعة في معاوية إنه رجل من أصحاب رسول الله (ص) وصحبته ثابتة لا ينكره الموافق والمخالف وكان كاتب وحي رسول الله (ص) وبعد أن توفي رسول الله (ص) خرج إلى الشام تحت راية أخيه يزيد بن أبي سفيان ولما توفي يزيد في إمارة الشام زمن إمارة عمر بن الخطاب ولاه عمر في إمارة الشام فكان أميرا به مدة خلافة عمر بن الخطاب ثم ولاه عثمان الشام وأضافه مع ما فتحه من بلاد الروم وكان على ولايتها مدة خلافة عثمان بن عفان ثم لما تولى الخلافة أمير المؤمنين (ع) عزله من إمارة الشام وجعل الإمارة لعبد لله بن عباس فقال عبد الله يا أمير المؤمنين أن معاوية قد استولى على الشام وله سنين كثيرة يحكم في الشام وهو رجل من أهل الدنيا فقرره على أمره حتى تأخذ منه البيعة ثم إذا جاء الموسم للحج استوقفه في المدينة وابعث من تريد إلى الشام فلم يسمع أمير المؤمنين كلام عبد الله بن عباس وعزله في يومه بعد أن قتل عثمان ذهب مروان ونايلة بنت الفرافصة زوجة عثمان إلى الشام وقد قطعت أنامل نايلة حين همو بقتل عثمان فأوقعت نايلة نفسها على عثمان فقطعوا أناملها بالسيف فأخذ مروان ونايلة قميص عثمان وأناملها وذهبا بهما إلى معاوية فعلق معاوية القميص والأنامل على مسجد دمشق واجتمع بنو أمية كلهم في الشام وهموا بطلب ثأر عثمان ولم يبايعوا لعلي حتى وقع ما وقع من الفتن والحوادث المشهورة ومذهب أهل السنة والجماعة إن الإمام المحق بعد عثمان كان علي بن أبي طالب (ع) ولا نزاع لأحد من أهل السنة في هذا وإن كل من خرج على علي (ع) كانوا بغاة على الباطل ولكن لما كانوا من أصحاب رسول الله (ص) ينبغي أن يحفظ اللسان عنهم ويكف عن ذكرهم وذكر ما جرى بين الصحابة لأنه يورث الشحناء
(٢٦١)