مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١١٥
(أسرار أمير المؤمنين عليه السلام) الفصل الثاني وفي أسرار أمير المؤمنين عليه السلام أنه لما ولد في البيت الحرام، وكعبة المسلك العلام، خر ساجدا ثم رفع رأسه الشريف فأذن، وأقام وشهد لله بالوحدانية، وبمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ولنفسه بالخلافة والولاية، ثم أشار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أقرأ يا رسول الله؟ فقال: نعم، فابتدأ بصحف آدم فقرأها حتى لو حضر شيت لأقر أنه أعلم بها منه، ثم تلا صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل، ثم تلا ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ (1) فقال له النبي: نعم. أفلحوا إذ أنت إمامهم. ثم خاطبه بما خاطب به الأنبياء الأوصياء، ثم سكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: عد إلى طفولتك فامسك (2).
ومن كراماته التي لا تحد وفضائله التي لا تعد: أن راهب اليمامة الأثرم كان يبشر أبا طالب عليه السلام بقدوم علي ع ويقول له: سيولد لك ولد يكون سيد أهل زمانه، وهو الناموس الأكبر، ويكون لنبي زمانه عضدا وناصرا وصهرا ووزيرا، وإني لا أدرك أيامه فإذا رأيته فاقرأه مني السلام، ويوشك أني أراه، فلما ولد أمير المؤمنين عليه السلام مر أبو طالب عليه السلام عليه ليعلمه فوجده قد مات، فرجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخذه وقبله فسلم عليه أمير المؤمنين وقال: أبتي جئت من عند الراهب الأثرم الذي كان يبشرك بي وقص عليه قصة الراهب، فقال له أبو عبد مناف: صدقت يا ولي الله (3).
ومن ذاك ما رواه محمد بن سنان قال: بينما أمير المؤمنين عليه السلام يجهز أصحابه إلى قتال معاوية إذ اختصم إليه اثنان، فلغى أحدهما في الكلام فقال له: اخسأ يا كلب، فعوى الرجل لوقته وصار كلبا، فبهت من حوله، وجعل الرجل يتضرع إلى أمير المؤمنين عليه السلام ويشير بإصبعه فنظر إليه وحرك شفته فإذا هو بشر سوي، فقام إليه بعض أصحابه وقال مالك: أن جهز الناس إلى قتال معاوية ولك مثل هذه القدرة؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لو شئت أن أضرب برجلي هذه القصيرة بهذه الفلوات حتى أضرب بها صدر معاوية فأقلبه عن سريره لفعلت، ولكن بل عباد مكرمون * لا

(١) المؤمنون: ١.
(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / 18 و 37 ح 14 و 37 بتفاوت والحديث طويل.
(3) في المصادر: الراهب المثرم.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 115 116 117 118 119 120 ... » »»