وقال: إن عندي بخط هارون بن عمران بيده أن الله يبعث في الأميين رسولا له وزير يعلم ما يقول الناقوس (١).
ومن ذلك ما روي من كراماته: أن فرعونا لما لحق هارون بأخيه موسى دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه، فإذا فارس يقدمهما ولباسه من ذهب، وفي يده سيف من ذهب، وكان فرعون يحب الذهب فقال لفرعون: أجب هذين الرجلين وإلا قتلتك، فانزعج فرعون لذاك وقال: عودا إلي غدا، فلما خرجا دعا البوابين وعاقبهم، وقال: كيف دخل علي هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفا بعزة فرعون ما دخل إلا هذان الرجلان، وكان الفارس مثال علي الذي أيد الله به النبيين سرا، وأيد به محمدا جهرا، لأنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصور فنصرهم بها، وبتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم وينجيهم، وإليه الإشارة في قوله: ﴿ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا﴾ (2) قال ابن عباس: وكانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس والسلطان.
ومن ذلك ما رواه الرضا عليه السلام عن آبائه الطاهرين عليهم السلام أن يهوديا جاء إلى أبي بكر في ولايته وقال له: إن أبي قد مات وخلف كنوزا، ولم يذكر أين هي، فإن أظهرتها كان لك ثلث وللمسلمين ثلث آخر، ولي ثلث وأدخل في دينك، فقال أبو بكر: لا يعلم الغيب إلا الله، فجاء إلى عمر فقال له مقالة أبي بكر، ثم دله على علي عليه السلام فسأله فقال: رح إلى بلد اليمن واسأل عن وادي برهوت بحضرموت، فإذا حضرت الوادي فاجلس هناك إلى غروب الشمس فسيأتيك غرابان سود مناقيرها تنعب فاهتف باسم أبيك وقل له: يا فلان أنا رسول وصي رسول الله صلى الله عليه وآله إليك كلمني فإنه يكلمك فاسأله عن الكنوز فإنه يدلك على أماكنها، فمضى اليهودي إلى اليمن واستدل على الوادي وقعد هناك، وإذا بالغرابين قد أقبلا فنادى أباه فأجابه، وقال: ويحك ما أقدمك إلى هذا الموطن، وهو من مواطن أهل النار؟ فقال: جئت أسألك عن الكنوز، أين هي؟ فقال: في موضع كذا وفي حائط كذا. ثم قال: ويلك اتبع دين محمد تسلم فهو النجاة. ثم انصرف الغرابان، ورجع اليهودي فوجد كنزا من ذهب وكنزا من فضة، فأوقر بعيرا وجاء به إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي رسول الله وأخوه وأمير المؤمنين حقا كما سميت، وهذه الهدية