مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١١٢
وقال: تبنى مدينة بين دجلة ودجيل والفرات وقطر، بل تجبى إليها خزائن الأرض ويكون الخسف بها (1)، يعني بغداد.
ومن كراماته صلى الله عليه وآله أنه لما اشتد الأمر على المسلمين يوم الخندق صعد صلى الله عليه وآله مسجد الفتح وصلى ركعتين ثم قال: اللهم إن لم تهلك هذه العصابة لن تعبد بعدها في الأرض، فجاءت الملائكة فقالت: يا رسول الله إن الله قد أمرنا بالطاعة لك فمرنا بما شئت، فقال: زعزعوا المشركين واطردوهم، وكانوا من ورائهم، ففعلوا ذلك، فقال أبو سفيان لأصحابه: إن كنا نقاتل أهل الأرض فلنا القدرة عليهم وإن كنا نقاتل أهل السماء فما لنا طاقة بأهل السماء (2).
ومن ذلك من أسرار مولده صلى الله عليه وآله أن الملك سيف بن ذي يزن قال لعبد المطلب رضي الله عنه: إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، أنه إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم الزعامة إلى يوم القيامة، تموت أمه وأبوه ويكفله جده وعمه، ولد في عام الفيل وتوفي أبوه وهو ابن شهرين. وماتت أمه وهو ابن أربع سنين، ومات عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين، وكفله عمه أبو طالب عليه السلام (3).
ومن كراماته صلى الله عليه وآله أن أبا ذر لما جاء إليه وأسلم على يده قال له: إرجع إلى بلادك فإن ابن عمك قد مات، وقد خلف مالا فاحتوى عليه والبث في بلادك إلى وقت كذا وأتني.
فرجع إلى اليمن فوجد كما أخبره رسول الله صلى الله عليه وآله فاحتوى على المال، وبقي في بلاده حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وأتى إليه.
ومن ذلك ما رواه وهب بن منبه عن ابن عباس قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء ناداني ربي يا محمد، إني أقسمت بي وأنا والله الذي لا إله إلا أنا أني أدخل الجنة جميع أمتك إلا من أبى، فقلت: ربي ومن يأبى دخول الجنة؟ فقال: إني اخترتك نبيا، واخترت عليا وليا، فمن أبى عن ولايته فقد أبى دخول الجنة لأن الجنة لا يدخلها إلا محبه، وهي محرمة على الأنبياء حتى تدخلها أنت وعلي وفاطمة وعترتهم وشيعتهم، فسجدت لله شكرا، ثم قال لي:
يا محمد إن عليا هو الخليفة بعدك، وإن قوما من أمتك يخالفونه وإن الجنة محرمة على من

(١) البحار: ١٨ / ١١١ ح ١٨.
(٢) بحار الأنوار: ٢٠ / ٢٣١ ح ٣.
(٣) بحار الأنوار: ١٥ / 188 ح 11 عن الكافي.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 108 109 110 111 112 113 115 116 117 118 ... » »»