مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٠٣
فصل (عقيدتنا في الإمامية) وكل ما يجب اعتقاده من فصول التوحيد ونبوة محمد صلى الله عليه وآله يجب اعتقاده في باب الإمامة، لأن القول في الإمامة كالقول في التوحيد والنبوة، لأن الإمامة جامعة للتوحيد والنبوة، فمن أنكر شيئا مما يوجب عليه إثباته من باب التوحيد فليس بمؤمن، وكذا من أنكر شيئا مما وجب عليه إثباته في باب الإمامة فليس بموال، لأن إنكار الجزء من الواجب كإنكار الكل، فما لنا [نأخذ طرفا من ] خصائص العصمة، وسندها عن المعصوم، الذي يجب تصديقه فيما صح نقله عنه، ثم نصدق بعضها وننكر بعضها، بغير مرجع فنصدق ما أدركته عقولنا، وننكر ما غاب عنا معرفته.
ثم نقول لقصور أفهامنا عن إدراك ذلك، يكفينا في باب الإمامة أن نعرف أن الإمام معصوم مفترض الطاعة، فهلا كفانا هذا في باب التوحيد أن نعرف وجوب الوجود للحق سبحانه وتعالى، ولا نحتاج في باقي الصفات، وكيف لم يجز هذا في باب التوحيد؟ ويجوز في الإمامة، ونقول في الدعاء المنقول عنهم عليهم السلام (اللهم إني أدينك بدينهم وولايتهم والرضى بما فضلتهم به، غير منكر ولا مستكبر) (1).
والتفضيل هنا ليس هو القدر الذي به الاشتراك من النبوة والولاية بينهم وبين من تقدم من الأنبياء والأولياء، ولكنه الأمر الذي لم يختص به سواهم مما بهر عيون العقول فأعماها، ورمى مقاتل الأفهام فأصماها، ثم إذا تليت علينا آيات فضلهم بما لا تناله أيدي أفهامنا أنكرنا واستكبرنا، فنحن إذا مع تعبدنا بأقوالهم مع تخالج الشكوك في اعتقادها نتعبد بما لا نعرف، أو بما لا نعتقد، والتعبد بغير المعرفة ضلال، وبغير الاعتقاد وبال، لأن من استكبر فقد أنكر، ومن أنكر لم يرض، ومن لم يرض لم يطع، ومن لم يطع لم يوال، ومن لم يوال لا دين له، ومن لا دين له فهو كافر، فمن أنكر من لوازم الإمامة وأسرارها ما يجب المولى المطلق إثباته مما وردت به النصوص عنهم ولو حرفا واحدا فهو كافر.

(١) بحار الأنوار: ٨٦ / 9 ح 8 ولا يوجد فيه: بدينهم بل: بطاعتهم.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 203 204 205 206 208 209 ... » »»