بالروم وولى أخوه مكانه، وسقطت شرادت الذهب من قسطنطينية الكبرى، وهبط سور كرنديب، وفقد ربان اليهود، وهاج النمل بوادي النمل، وصعد سبعون ألف عالم وولد في كل عالم سبعون ألفا، والليلة يموت مثلهم، فقال: لا أعلم، فقال: أعالم أنت بالشهب الحرس والأنجم والشمس، وذوات الذوايب التي تطلع مع الأنوار وتغيب مع الأسحار؟ فقال: لا أعلم، فقال: أعالم أنت بطلوع النجمين اللذين ما طلعا إلا عن مكيدة، ولا غابا إلا عن مصيبة، وإنهما طلعا غربا فقتل قابيل هابيل، ولا يظهران إلا بخراب الدنيا؟ فقال: لا أعلم، فقال: إذا كنت لا تعلم طرق الدنيا فإني أسألك عن قريب، أخبرني ما تحت حافر فرسي الأيمن والأيسر من المنافع والمضار؟ فقال: أنا في علم الأرض أقصر مني في علم السماء. فأمر أن يحفر تحت الحافر الأيمن فخرج كنز من ذهب، ثم أمر أن يحفر تحت الحافر الأيسر فخرج أفعى فتعلق الحكيم فصاح يا مولاي الأمان، فقال: الأمان بالإيمان، فقال: لأطيلن لك الركوع والسجود، فقال: سمعت خيرا، فقال: خيرا أسجد لله وتضرع بي إليه، ثم قال: يا سهر سقيل سوار نحن نجوم القطب، وأعلام الفلك، وإن هذا العلم لا يعلمه إلا نحن وبيت في الهند (1).
ومن ذلك ما رواه أحمد بن عبد العزيز الجلودي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة فقال:
سلوني قبل أن تفقدوني، سلوا من عنده علم المنايا والبلايا، والأنساب في الأصلاب، وفصل الخطاب (2).
روى الصدوق في العيون بسنده عن أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السلام يكلم الناس بلغاتهم، وكان والله أفصح الناس بلغاتهم وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت: يا بن رسول الله إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها، فقال: يا أبا الصلت أنا حجة الله، وما كان الله يتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم، أما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام: (أوتينا فصل الخطاب فهل فقل الخطاب إلا معرفة اللغات؟ - أنا دابة الأرض، أنا حي لا أموت، وإذا مت يرث الله الأرض ومن عليها، سلوني فإني لا أسأل عما دون العرش إلا أجبت (3)، وقوله: (عما دون العرش) رمز له وجوه: الأول منها: أن العرش هو العلم، والعرش عند علماء الحروف هو محمد، والعرش العرش