امرئ ما قدم قادم، وعلى ما خلف نادم " (12).
الحديث الثامن والعشرون: عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " أيها الناس، بسيط الأمل متقدم حلول الأجل، والمعاد مضمار العمل، فمغتبط بما احتقب غانم، ومبتئس بما فاته نادم.
أيها الناس، إن الطمع فقر، واليأس غنى، والقناعة راحة، والعزلة عبادة، والعمل كنز، والدنيا معدن، والله ما يساوي ما مضى من دنياكم هذه بأهداب بردي هذا، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء، وكل إلى بقاء وشيك وزوال قريب، فبادروا العلم وأنتم في مهل الأنفاس، وجدة الأحلاس (2)، قبل أن تؤخذوا بالكظم (3) فلا ينفع الندم " (4).
التاسع والعشرون: عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " تكون أمتي في الدنيا ثلاثة أطباق:
أما الطبق الأول: فلا يحبون جمع المال وادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما الطبق الثاني: فإنهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه، وأحسن سبله، يصلون به أرحامهم، ويبرون به إخوانهم، ويواسون به فقراءهم، ولعض أحدهم على الرضف (5)، أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حله، أو يمنعه من حقه أن يكون له خازنا إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا عذبوا، وإن عفي عنهم سلموا.
وأما الطبق الثالث: فإنهم يحبون جمع المال مما حل وحرم، ومنعه مما افترض ووجب، إن أنفقوه أنفقوا إسرافا وبدارا، وإن أمسكوه أمسكوا بخلا واحتكارا، أولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم، حتى أوردتهم النار بذنوبهم " (6).