أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٣٣٨
فقال: " رجلان من أمتي، جثيا بين يدي ربي، فقال أحدهما: يا رب، خذلي بمظلمتي من أخي. فقال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته، فقال: يا رب، لم يبق من حسناتي شئ، فقال: يا رب، فليحمل عني (1) من أوزاري ".
ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: " إن ذلك اليوم ليوم يحتاج الناس فيه إلى من يحمل عنهم من أوزارهم.
ثم قال الله تعالى للطالب بحقه: ارفع بصرك إلى الجنة، فانظر ماذا ترى؟ فرفع رأسه، فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة، فقال: يا رب، لمن هذا؟ فقال: لمن أعطاني ثمنه، فقال: يا رب، ومن يملك ثمن ذلك؟ فقال: أنت، فقال: كيف لي بذلك؟
فقال: بعفوك عن أخيك. فقال: يا رب، قد عفوت فقال الله تعالى: فخذ بيد أخيك فادخلا الجنة. ثم قال رسول الله: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " (2).
التاسع عشر: عن أنس بن مالك قال: قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وآله - من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ فقال: " الذين نظروا إلى باطن الدنيا، حين نظر الناس إلى ظاهرها، فاهتموا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم، فما عرض لهم منها عارض إلا رفضوه، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه، أخلقت الدنيا عندهم فما يجددونها، وخربت بينهم فما يعمرونها، وماتت في صدورهم فما يحيونها، بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، نظروا إلى أهلها صرعى قد حلت بهم المثلات، فما يرون أمانا دون ما يرجون، ولا خوفا دون ما يجدون " (3).
الحديث العشرون: عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: " إنما أنتم خلف ماضين، وبقية متقدمين، كانوا أكثر منكم بسطة، وأعظم سطوة، فأزعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها، وغدرت بهم وأخرجوا منها أوثق ما كانوا بها، فلم يمنعهم قوة عشيرة، ولا قبل منهم بذل فدية، فارحلوا أنفسكم بزاد مبلغ قبل أن تؤخذوا على فجأة وقد غفلتم عن الاستعداد " (4).

1 - ليس في البحار.
2 - البحار 77: 180 عن أعلام الدين.
3 - البحار 77: 181 عن أعلام الدين.
4 - البحار 77: 181 عن أعلام الدين.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»