ويسمعون كلامه، لذهلوا عن ميتهم، وبكوا على نفوسهم، حتى إذا حمل الميت على نعشه، رفرف روحه فوق النعش، وهو ينادي: يا أهلي وولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعته من حله ومن غير حله، وخلفته لغيري، فالمهنأ له، والتبعات علي، فاحذروا من مثل ما نزل بي " (1).
ومما حفظت من كتاب (الخصال) بروايته المتصلة، واقتصرت على ذكر الرجال إحالة على الأصل، أربعين حديثا (2):
أولها: إن النبي صلى الله عليه وآله، أوصى إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فكان فيما أوصى به إليه أن قال: " يا علي، من حفظ عني من أمتي أربعين حديثا، يطلب بذلك وجه الله والدار الآخرة، حشره الله تعالى - يوم القيامة - مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
فقال له علي عليه السلام: أخبرني - يا رسول الله - ما هذه الأربعون حديثا؟
فقال: أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، وتعبده ولا تعبد غيره، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها، ولا تؤخرها فإن في تأخيرها من غير علة غضب الله عز وجل وتؤدي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعا، وأن لا تعق والديك، ولا تأكل مال اليتيم ظلما، ولا تأكل الربا، ولا تشرب الخمر ولا شيئا من الأشربة المسكرة، ولا تزني، ولا تلوط، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف بالله كاذبا، ولا تسرق، ولا تشهد شهادة الزور لأحد - قريبا كان أو بعيدا - وأن تقبل الحق ممن جاء به - صغيرا كان أو كبيرا - وأن لا تركن إلى ظالم - وإن كان حميما قريبا - وأن لا تعمل بالهوى، ولا ترمي (3) المحصنة، ولا ترائي فإن يسير (4) الرياء شرك بالله عز وجل، وأن لا تقول لقصير: يا قصير، ولا لطويل: يا طويل، تريد بذلك عيبه، وأن لا تسخر بأحد من خلق الله، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشكر نعم الله التي أنعم الله بها عليك، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه، وأن لا تقنط من رحمة