قلت: بنو أبيك كثير، فلم تفردت أنت به دونهم؟
فقال له: الحمد لله على اعترافك على نفسك بالحق لغيرك، فأرجع إلى بلادي فقال: لا، فوالله إنك لواعظ فظ. فقال له: فقل ما عندك بعد ذلك، فقال له: رأيت أن من تقدمني ظلم وغشم وجار واستأثر بفئ المسلمين، وعلمت من نفسي أني لا أستحل ذلك وأن المؤونة بولايتي تكون أنقص وأخف عليهم فوليت، فقال له: أخبرني، لو لم تلي هذا الأمر، ووليه غيرك وفعل ما فعل من كان قبله، أكان يلزمك من إثمه شئ؟
فقال: لا، فقال له: فأراك قد شريت راحة غيرك بتعبك، وسلامته بخطرك، فقال له: والله إنك لواعظ فظ، فقام ليخرج ثم قال له: والله، لقد هلك أولنا بأولكم، وأوسطنا بأوسطكم، وسيهلك آخرنا بآخركم، والله المستعان عليكم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.