كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٦١
عند أمارة لوصول مضرة أو فوات منفعة أو كان علما مكتسبا لأنه تعالى هو الناصب للدليل والباعث على النظر فيه وكذا هو الناصب لأمارة الظن فلما كان سبب الغم منه تعالى كان العوض عليه أما الغم الحاصل من العبد نفسه من غير سبب منه تعالى نحو أن يبحث العبد فيعتقد جهلا بنزول ضرر به أو فوات منفعة فإنه لا عوض فيه عليه تعالى ولو فعل به تعالى فعلا لو شعر به لاغتم نحو أن يهلك له مالا وهو لا يشعر به إلى أن يموت فإنه لا يستحق العوض عليه تعالى لأنه إذا لم يشعر به لم يغتم به (الرابع) أمر (1) الله تعالى عباده بإيلام الحيوان وإباحته (2) سواء أكان الأمر للإيجاب كالذبح في الهدى والكفارة والنذر أو للندب كالضحايا فإن العوض في ذلك كله عليه تعالى لاستلزام الأمر والإباحة الحسن والألم إنما يحسن إذا اشتمل على المنافع العظيمة البالغة في العظم حدا يحسن الألم لأجله (الخامس) تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش وسباع الطير والهوام وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال فذهب بعضهم إلى أن العوض على الله تعالى مطلقا ويعزى هذا القول إلى أبي علي الجبائي وقال آخرون أن العوض على فاعل الألم وهو قول يحكي عن ابن أبي علي أيضا وقال آخرون لا عوض هنا على الله ولا على الحيوان وقال قاضي القضاة إن كان الحيوان ملجأ

(1) بيان ذلك أن أمره تعالى بالإيلام أو إباحته أما يكون بالإنسان كالختان؟ وبعض المعالجات بالكي وقطع العضو وشرب الأدوية المرة وذبح إسماعيل (ع) فوجوب العوض في ذلك ظاهر وأما يكون بالحيوان كالأمثلة التي في الكتاب وغيرها فالعوض في ذلك يتصور على أن يكون الحيوان محشورا في الآخرة كما هو صريح بعض الآيات ومذهب بعض المتكلمين أو يكون باقيا في الدنيا بعد التألم إلى حين وكذا الكلام في الوجه الخامس.
(2) ذكر في بعض الحواشي في قوله وإباحته، المضار فيهم كإباحة قلع السن ونتف الشعر ونحوهما لاستلزام الإباحة الحسن والألم إنما يحسن إذا اشتمل على المنافع العظيمة البالغة حدا يحسن الألم لأجلها.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»