كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٥٧
علة الحسن هي الاستحقاق لا غير لأن النفوس البشرية إذا كانت في أبدان قبل هذه الأبدان وفعلت ذنوبا استحقت الألم عليها وهذا أيضا قول البكرية وقالت المعتزلة أنه يحسن عند شروط (أحدها) أن يكون مستحقا (وثانيها) أن يكون فيها نفع عظيم يوفى عليها (وثالثها) أن يكون فيها دفع ضرر أعظم منها (ورابعها) أن يكون مفعولا على مجرى العادة كما يفلعه الله تعالى بالحي إذا ألقيناه في النار (وخامسها) أن يكون مفعولا على سبيل الدفع عن النفس كما إذا ألمنا من يقصد قتلنا لأنا متى علمنا اشتمال الألم على أحد هذه الوجوه حكمنا بحسنه قطعا.
قال: ولا بد في المشتمل على النفع من اللطف.
أقول: هذا شرط لحسن الألم المبتدء الذي يفعله الله تعالى لاشتماله على نفع المتألم وهو كونه مشتملا على اللطف أما للمتألم ولغيره ولأن خلو الألم عن النفع الزائد الذي يختار المولم معه الألم يستلزم الظلم وخلوه عن اللطف يستلزم العبث وهما قبيحان فلا بد من هذين الاعتبارين في هذا النوع من الألم وهنا اختلف الشيخان فقال أبو علي أن علة قبح الألم كونه ظلما لا غير فلم يشرط هذا الشرط وقال أبو هاشم أنه يقبح لكونه ظلما أو لكونه عبثا فأوجب في الأمراض التي يفعلها الله تعالى في الصبيان مع الأعراض الزائدة اشتمالها على اللطف لمكلف آخر ولهذا يقبح منا تخليص الغريق بشرط كسر يده واستيجار من ينزح ماء البئر ويقذفه فيها لغير غرض مع توفية الأجرة ويمكن الجواب هنا لأبي علي بما ذكرناه في كتاب نهاية المرام.
قال: ويجوز في المستحق كونه عقابا أقول: هذا مذهب أبي الحسين البصري فإنه جوز أن يقع الأمراض في الكفار والفساق عقابا للكافر والفاسق لأنه ألم واصل إلى المستحق فإمكان أن يكون عقابا ويكون تعجيله قد اشتمل على مصلحة لبعض المكلفين كما في
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»