كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٥٥
المسألة السادسة عشر: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: والأمر بالمعروف الواجب واجب وكذا النهي عن المنكر وبالمندوب مندوب سمعا وإلا لزم ما هو خلاف الواقع أو الاخلال بحكمته تعالى.
أقول: الأمر بالمعروف وهو القول الدال على الحمل على الطاعة أو نفس الحمل على الطاعة أو إرادة وقوعها من المأمور، والنهي عن المنكر هو المنع من فعل المعاصي أو القول المقتضى لذلك أو كراهة وقوعها وإنما قلنا ذلك للإجماع على أنهما يجبان باليد واللسان والقلب والأخير يجب مطلقا بخلاف الأولين فإنهما مشروطان بما يأتي وهل يجبان سمعا أو عقلا اختلف الناس في ذلك فذهب قوم إلى أنهما يجبان سمعا للقرآن والسنة والإجماع وآخرون ذهبوا إلى وجوبهما عقلا واستدل المصنف (ره) على إبطال الثاني بأنهما لو وجبا عقلا لزم أحد الأمرين وهو إما خلاف الواقع أو الاخلال بحكمته تعالى والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله، بيان الملازمة أنهما لو وجبا عقلا لوجبا على الله تعالى فإن كل واجب عقلي يجب على كل من حصل في حقه وجه الوجوب ولو وجبا عليه تعالى لكان إما فاعلا لهما فكان يلزم وقوع المعروف قطعا لأنه تعالى يحمل المكلفين عليه وانتفاء المنكر قطعا لأنه تعالى يمنع المكلفين منه وهذا خلاف ما هو الواقع في الخارج وأما غير فاعل لهما فيكون مخلا بالواجب وذلك محال لما ثبت من حكمته تعالى.
قال: وشروطهما علم فاعلهما بالوجه وتجويز التأثير وانتفاء المفسدة.
أقول: شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة (الأول) أن يعرف الآمر والناهي وجه الفعل فيعرف أن المعروف معروف وأن المنكر منكر وإلا لأمر بالمنكر ونهي عن المعروف (والثاني) تجويز التأثير فلو عرف أن أمره ونهيه لا يؤثران لم يجبا (الثالث) انتفاء المفسدة فلو عرف أو غلب على ظنه حصول مفسدة له أو لبعض إخوانه في أمره ونهيه سقط وجوبهما دفعا للضرر فهذا ما حصل لنا من شرح هذا الكتاب ونحن نسأل الله تعالى أن يجعله ذخرا لنا يوم المعاد وأن يوفقنا للرشاد بمنه وكرمه والحمد لله وحده.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455