كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٥٨
الحدود ومنع قاضي القضاة من ذلك وجزم بكون إمراضهم محنا لا عقوبات لأنه يجب عليهم الرضا والصبر عليها والتسليم وترك الجزع ولا يلزمهم ذلك في العقاب والجواب المنع من عدم اللزوم في العقاب لأن الرضا يطلق على معنيين (أحدهما) الاعتقاد لحسن الفعل وهو مشترك بين العقاب والمحنة (والثاني) موافقة الفعل للشهوة وهذا غير مقدور فلا يجب في المحنة ولا في العقاب وإذا كان الرضا بالمعنى الأول واجبا في العقاب فكذلك الصبر على ذلك الاعتقاد واجب بأن لا يظهر خلاف الرضا وهو الجزع ويجب أيضا التسليم بأن يعتقد أنه لو تمكن من دفع المرض الذي هو مصلحة له لا يدفعه ولا يمتنع منه.
قال: ولا يكفي اللطف في ألم المكلف في الحسن.
أقول: هذا مذهب الشيخين (1) وقاضي القضاة وجوز بعض المشايخ إدخال الألم على المكلف إذا اشتمل على اللطف والاعتبار وإن لم يحصل في مقابلته عوض لأن الألم كما يحسن لنفع يقابله فكذا يحسن لما يؤدي إليه الألم ولهذا حسن منا تحمل مشاق السفر لربح يقابل السلعة ولا يقابل مشاق السفر لما كان مشاق السفر علة في حصول الربح المقابل للسلعة وكذا الألم الذي هو لطف لولاه لما حصل الثواب المقابل للطاعة فحسن فعله وإن خلا عن العوض لأدائه إلى النفع وحجة الأوائل أن الألم غير المستحق لولا اشتماله على النفع أو دفع

(1) حاصل كلام الطرفين إن منها ثلاثة أشياء الألم اللطفي والطاعة التي يفعلها العبد المتألم لملطوف من جهة اللطف والثواب على هذه الطاعة، والخواجة ومن على مذهبه يقولون إن الثواب في قبال الطاعة والألم يبقى مجردا ليس في قباله شئ وهو قبيح لأن الألم من دون عوض ظلم فلا بد أن يكون هذا أمر آخر عوضا عن الألم فهو النفع أو دفع الضرر. والآخرون يقولون إن الألم اللطفي حيث يكون للطاعة والطاعة علة للثواب فلا قبح منه وإن لم يكن معه نفع آخر لأن العبد يتحمل هذا الألم للوصول إلى الثواب كما أن الإنسان يتحمل مشاق السفر وغيره لبيع متاعه ليحصل له الربح.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»