كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٦٣
قال: بخلاف الاحراق عند الالقاء في النار والقتل عند شهادة الزور.
أقول: إذا طرحنا صبيا في النار فاحترق فإن الفاعل للألم هو الله تعالى والعوض علينا لأن الألم واجب في الحكمة من حيث إجراء العادة والله تعالى قد منعنا من طرحه ونهانا عنه فصار الطارح كأنه الموصل إليه الألم فلهذا كان العوض علينا دونه تعالى وكذا إذا شهد عند الإمام شاهدا زور بالقتل فإن العوض على الشهود وإن كان الله تعالى قد أوجب القتل والإمام تولاه وليس عليه عوض لأنهما أوجبا لشهادتهما على الإمام إيصال الألم من جهة الشرع فصارا كأنهما فعلاه (لا يقال) هلا وجب العوض عليه تعالى لأنه هو الموجب على الإمام قتله (لأنا نقول) إن قبول الشاهدين عادة شرعية يجب اجزاؤها على قانونها كالعادات الحسية وكما يجب العوض على الملقي للطفل في النار قضاء لحق العادة الحسية كذلك وجب العوض هنا على الشاهدين قضاء لحق العادة الشرعية والمناط هو الحكمة المقتضية لاستمرار العادات.
قال: والانتصاف عليه تعالى واجب عقلا وسمعا.
أقول: اختلف أهل العدل في ذلك فذهب قوم إلى الانتصاف للمظلوم من الظالم واجب على الله تعالى عقلا لأنه هو المدبر لعباده فنظره كنظر الوالد لأولاده فكما يجب على الوالد الانتصاف كذلك يجب عليه تعالى قياسا للغايب على الشاهد وقال آخرون منهم أنه يجب سمعا لأن الوالد يجب عليه تدبير أمر أولاده وتأديبهم أما الانتصاف بأخذ الأرش من الظالم ودفعه إلى المظلوم فلا نسلم وجوبه عقلا بل يحسن منا تركهم إلى أن تكمل عقولهم لينتصف بعضهم من بعض والمصنف (ره) اختار وجوبه عقلا وسمعا أما من حيث العقل فلأن ترك الانتصاف منه تعالى يستدعي ضياع حق المظلوم لأنه تعالى مكن الظالم وخلى بينه وبين الظلم قدرته تعالى على منعه ولم يمكن المظلوم من الانتصاف فلولا تكفله تعالى بالانتصاف لضاع حق المظلوم وذلك قبيح عقلا وأما من حيث
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»