كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٧٢
المسألة الثامنة عشر: في الأصلح قال: والأصلح قد يجب لوجود الداعي وانتفاء الصارف.
أقول: اختلف الناس هنا فقال الشيخان أبو علي وأبو هاشم وأصحابهما إن الأصلح ليس بواجب على الله تعالى، وقال البلخي إنه واجب وهو مذهب البغداديين وجماعة من البصريين وقال أبو الحسين البصري أنه يجب في حال دون حال وهو اختيار المصنف (ره) وتحرير صورة النزاع إن الله تعالى إذا علم انتفاع زيد بإيجاد قدر من المال وانتفاء الضرر به في الدين عنه وعن غيره من المكلفين هل يجب إيجاد ذلك القدر له أم لا، احتج الموجبون بأن لله تعالى داعيا إلى إيجاده وليس له صارف عنه فيجب ثبوته لأن مع ثبوت القدرة ووجود الداعي وانتفاء الصارف يجب الفعل، وبيان تحقيق الداعي أنه إحسان خال عن جهات المفسدة، وبيان انتفاء الصارف إن المفاسد منتفية ولا مشقة فيه، واحتج النفاة بأن وجوبه يؤدي إلى المحال فيكون محالا. بيان الملازمة إنا لو فرضنا انتفاء المفسدة في الزائد على ذلك القدر وثبوت المصلحة فإن وجب إيجاده لزم وقوع ما لا نهاية له لأنا نفرض ذلك في كل زائد وإن لم يجب ثبت المطلوب قال أبو الحسين إذا كان ذلك القدر مصلحة خالية عن المفسدة وكان الزائد عليه مفسدة وجب عليه أن يعطيه ذلك القدر لوجود الداعي وانتفاء الصارف وإذا لم يكن في الزائد مفسدة إلى غير النهاية فإنه تعالى قد يفعل ذلك القدر وقد لا يفعله لأن من دعاه الداعي إلى الفعل وكان ذلك الداعي حاصلا في فعل ما يشق فإن ذلك يجري مجرى الصارف عنه فيصير الداعي مترددا بين الداعي والصارف فلا يجب الفعل ولا الترك وتمثل بأن من دعاه الداعي على دفع درهم إلى فقير بعينه ولم يظهر له ضرر في دفعه فإنه يدفعه إليه فإن حضره من الفقراء جماعة يكون الدفع إليهم مساويا للدفع إلى الأول ويشق عليه الدفع إليهم لحصول الضرر فإنه قد يدفع الدرهم إلى الفقير منهم وقد لا يدفعه فإذا كان حصول الداعي فيما
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»