كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤٤٥
أن النبي إنما يتبع الوحي الإلهي ولا يجوز له غير ذلك لأن (إنما) للحصر والناس مخاطبون بذلك وأنه إنما يأمر الناس ويهديهم إلى ما أوحاه الله تعالى من الأحكام لا غير وإليه أشار بقوله: (هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) والإمام قائم مقام النبي صلى الله عليه وآله في ذلك ولا يجوز أن يتبع الناس إلا لنص من النبي أو الإمام عليهما السلام فيما فيه إجمال وما هو نص صريح وسلم يبلغه ويحمل الناس عليه ولا يشارك باجتهاد مجتهد ولا برأي ولا غيره فلا بد وأن يوثق به ويحصل اليقين أنه لا يخلي شيئا منه ولا يأمر بغيره ولا يحصل ذلك إلا بعد العلم بأنه معصوم فكذا الإمام فيجب عصمته فإنه لولا عصمته لم يحصل للمكلف الوثوق به ولا العلم بقوله فيعذر في عدم اتباعه لدلالة القرآن في عدة مواضع إنه تعالى لا يعذب العاصي إلا بعد إعلامه بالبينات والبراهين.
الخامس: قوله تعالى: (قل إنما أتبع ما يوحى إلي) الآية، ذكر ذلك حجة عليهم على وجوب اتباعه لأنه إنما يتبع ما يوحى إليه من ربه وفيه بصائر من الله وهدى ورحمة وذلك موقوف على أنه لا يصدر منه ضد ذلك ولا يتم إلا بعصمته وهذا بعينه قائم في الإمام لأنه قائم مقامه فيجب عصمته.
السادس: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) نهى عن التولي مع السماع والمراد به سماعهم لما يفيدهم العلم ولا يحصل ذلك إلا مع عصمته لأن خبر الفاسق نهى الله عن اتباعه بمجرد سماعه لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فكل من أمكن أن يكون فاسقا لا يحصل من خبره العلم فيكون منهيا عن التولي عنه فلا فائدة في نصبه والإمام قائم مقام النبي فيما هو لأجله فيجب عصمته ليحصل العلم به بقوله فيحرم التولي عنه وإلا لم يحرم.
السابع: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) إنما جعل الخيانة مع العلم فلا بد وأن ينصب طريقا إلى العلم وذلك الطريق هو النبي فيكون قوله يفيد العلم وإنما يكون بعصمته فيجب عصمته ليتم فائدة بعثته وكذا الإمام لأنه نصب
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست