كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤١٢
هاتين المرتبتين:
أحدهما: أن يجتنب جميع المعاصي.
وثانيهما: أن يفعل جميع الطاعات ولا يقم ذلك إلا بالمعصوم لأنه لو لم يكن الإمام معصوما لساوى غيره فلا يندفع حاجة المكلف به لأن وجه الحاجة عدم العصمة فإذا تحققت في الإمام لم يصلح لدفع الحاجة ولأنه لو كفى غير المعصوم لم يحتج إلى إمام لمساواة المكلف الإمام ولاستلزامه الترجيح بلا مرجح.
التاسع والتسعون: هذه الآية المذكورة في الوجه المقدم بلا فصل دلت على أن من فعل سوء يجز به ومن فعل طاعة أثيب عليها فلا يخلو أما أن يتوقف على إعلام المكلف الفعل وصفته أولا والثاني محال وإلا لزم تكليف الغافل والأول أما أن يكون العلم بديهيا أو كسبيا والأول منتف بالضرورة فتعين الثاني فأما أن يكون عقليا أو نقليا والأول منتف عند أهل السنة والجماعة وعندنا يوجد في بعض الأحكام وهو ما علم بالضرورة وهو نادر جدا وليس من الفقه والثاني أما أن يكفي فيه الظن أولا والأول باطل لأنه تعالى ذم المتبع للظن في مواضع ولقوله تعالى إن الظن لا يغني من الحق شيئا، ولأنه لو اكتفى بالظن، لكان ذلك الظن أما ممن كلف بالاجتهاد ويلزم منه الحرج العظيم في تكليف جميع المكلفين بالاجتهاد في الأحكام الجزئية الفرعية وهو محال وينفي بقوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج ولأنه يلزم إفحام الإمام لأنه إذا أمر المكلف بشئ يقول لا يجب على امتثال قولك من إلا إذا أدى اجتهادي إليه وإن اجتهادي لم يؤد إليه فيلزم إفحام الإمام من كل من أراد الإمام إلزامه بشئ ينفي وهو فائدة الإمامة ولأنه يلزم أن يكون كل مجتهد مصيبا وهو باطل لما بين في الأصول وأما من غيره وهو ترجيح بلا مرجح مع تساويهما ولأن الحجة للمكلف ثابتة حينئذ فتعين الثاني وهو أن يكون الطريق المؤدي إلى الأحكام يفيد العلم وهو إما أن يكون بوجود من علم وجوب عصمته بحيث يمكن أن يستفاد منه الأحكام يقينا أو غيره والثاني منتف للإجماع على أن مثل هذا لم يوجد فلو لم يكن الأول موجودا لانتفى الطريق
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست