أي هذه الموجودات بالقياس إلى النفس الملكوتية التي وقعت في أفق عالم الوجوب والإمكان وهي البرزخ الذي بينهما لكي لا يبغيان، فهي عقل من الجنة العالية ونفس من الجنة السافلة.
شؤون يبديها: أي يظهرها للنفس بعد ما خفيت في ذاتها العقلية وبطنت في جنبتها العالية، وليس ذلك ابتداء وجود تلك الأشياء، بل ابتداء وجودها في المرتبة العقلية، حيث صدرت من بارئها القيوم تعالى شأنه صدورا عقليا جمليا وحدانيا مع العقل بالمعنى الذي يعرفه الكمل من أهل الإشراق (1) وليس غرض هذا العارف كما فهمه أكثر أرباب الأذواق، من أن ذلك للموجودات بالنظر إلى مبدأ الكل تعالى كيف؟! وقد تقرر في الأصول العرفانية عند أهل العناية السابقة أن الموجودات بقضها وقضيضها وكلياتها وجزئياتها وغابراتها وماضياتها بالنظر إلى الله جل برهانه صادرة في آنات وجودها ومراتب شهودها ابتداء، وليس لها بالنظر إليه عز شأنه إلا الظهور الابتدائي (2) لا غيركما يومئ بذلك ما في الأدعية السجادية، وقد مر واحد منها (3).
ولا أظن أن هذا العارف أراد بذلك الذي توهم البعض، لأنه أجل شأنا من أن يتوهم ذلك فيه، لكن لا يعرف هذا الذي قلنا إلا من له قدم راسخ في التجريد، ومن الله العون والتأييد.
قوله: " ذات العليا " هكذا في النسخ التي عندنا، ويمكن أن يكون الموصوف مقدرا، أي ذات الحقيقة العليا بمعنى صاحبتها، فيكون إشارة إلى