ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل، واسم ذلك الإنسان على وجه ذلك الرأس مكتوب، وعلى كل وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يبلغ ذلك المولود ويبلغ حد الرجال أو حد النساء، فإذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب ذلك الإنسان نور، البسيط مع اتحاد نفوس جزئية معه، أو علم النفس بقضية واحدة عقلية علمها بجميع مراتب الوجود، كما هو أحد ا الإشكالات التي أوردها ذلك الشيخ الفيلسوف (1) على القائلين باتحاد النفس مع العقل الفعال واستصعبه، وأعطى ذلك المتأله حله ونقض غزله.
وبقوله: " وعلى كل وجه ستر " إلى الحجاب الذي بين الإنسان والعالم العقلي قبل الوصول إلى مقام القلب والنزول في منزل العقل.
وبقوله: " يبلغ حد الرجال أو النساء " إلى الوصول إلى مقام القلب الذي هو مقام ظهور تفصيل مراتب الوجود في قلبه وقراءة سلسلة الغيب والشهود من ذاته، فإن هذا مقام صيرورته مسمى باسم الرجال والنساء الذين من ألقاب الإنسان على الاستحقاق.
وبقوله: " فإذا بلغ كشف ذلك الستر " إلى اتحاد النفس بالعقل الفعال في ذاك المقام على التحقيق، وهذا أيضا من المسائل المهمة التي اختلفت آراء الحكماء فيها، وأنكر الشيخ على مثبته كمال الإنكار، ونسب صاحبه إلى الشين والعار (2) وقد صححه وبرهن عليه ذلك الحكيم المتأله في كتابه الكبير (3) والرحيل إلى الله الخبير البصير.
وهاهنا أسرار أخرى لا يسعها المقام، والأولى طي الكلام، وعلى الله التوكل في البدو والختام.