المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٥٧
قال العلوي: ويدلك أيها الملك على صدق مقالتي: أن فاطمة أوصت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن لا يشهد أبا بكر وعمر وسائر الذين ظلموها جنازتها، فلا يصلوا عليها، ولا يحضروا تشييعها، وأن يخفي علي قبرها حتى لا يحضروا على قبرها، ونفذ علي عليه السلام وصاياها! قال الملك: هذا أمر غريب، فهل صدر هذا الشئ من فاطمة وعلي؟
قال الوزير: هكذا ذكر المؤرخون (1)!
قال العلوي: وقد آذى أبو بكر وعمر فاطمة أذية أخرى!
قال العباسي: وما هي تلك الأذية؟
قال العلوي: هي أنهما غصبا ملكها (فدك).
قال العباسي: وما هو الدليل على أنهما غصبا (فدك)؟
قال العلوي: التواريخ ذكرت أن رسول الله (ص) أعطى فدكا لفاطمة فكانت فدك في يدها - في أيام رسول الله - فلما قبض النبي (ص) أرسل أبو بكر وعمر من أخرج عمال فاطمة من (فدك) بالجبر والسيف، واحتجت فاطمة على أبي بكر وعمر لكنهما لم يسمعا كلامها، بل نهراها ومنعاها، ولذلك لم تكلمهما حتى ماتت غاضبة عليهما (2)!.

(١) أنظر كتب التاريخ، والبداية والنهاية لابن كثير ج وقد دافع عن أبي بكر وعمر وبرر موقفهما من فاطمة. ويروى أن الذين حضروا جنازة فاطمة ونزلوا حفرتها علي والعباس والفضل بن العباس (ابن سعد ج 8).
(2) فدك أرض بين المدينة وخيبر وكانت ملكا للرسول (ص) فوهبها لفاطمة.
وصادرها أبو بكر بعد توليه الحكم من فاطمة، واحتجا عليها - أي أبي بكر وعمر - برواية لم تروى إلا طريقهما تقول على لسان الرسول (ص): إنا لا نورث، ما تركناه صدقة. وهي رواية مشهورة في كتب السنن واعتمد عليها الفقهاء في تبرير موقف أبي بكر وإضفاء المشروعية عليه.
ولا يعقل أن تكون فاطمة أو الإمام علي قد غفلا عن هذا الحكم ولم يسمعا هذا الكلام من الرسول إن كان قاله.. لا يعقل أن تطالب السيدة فاطمة ما لا تستحق شرعا.
ولا يعقل أن الرسول مات ولم يخبرها بهذا الحكم.
وهذا وسواه من الدلائل تشير إلى اختلاق مثل هذه الرواية التي لم نسمع بها على لسان أحد من الصحابة سوى أبي بكر وعمر.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست