المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٥٣
قال الملك (متوجها إلى الوزير): هل صحيح ما ذكره العلوي في حق خالد وأبي بكر؟
قال الوزير: نعم هكذا ذكر المؤرخون (1)!
قال الملك: فلماذا يسمي بعض الناس خالدا ب‍ (سيف الله المسلول)؟
قال العلوي: إنه سيف الشيطان المشلول ولكن حيث أنه كان عدوا لعلي بن أبي طالب وكان مع عمر في حرق باب دار فاطمة الزهراء سماه بعض السنة بسيف الله (2)!

(١) أنظر: أبو الفداء في تاريخه ج ١ ص ١٥٨ والطبري في تاريخه ج ٣ ص ٢٤١ وابن الأثير في تاريخه ج ٣ ص ٩: ١٤ وابن عساكر في تاريخه ج ٥ ص ١٠٥ وابن كثير في تاريخه ج ٦ ص ٣٢١ وغيرهم.
(٢) وقعت قصة إحراق بيت فاطمة أثناء أحداث السقيفة (انظر تاريخ الطبري).
وأسلم خالد بن الوليد في سنة ثمان للهجرة ولم يشارك في غزوات فاعلة مع الرسول (ص) فمن هذه الفترة وحتى وفاة الرسول لم تكن هناك سوى غزوة مؤتة وبعض السرايا. وقد شارك خالد في مؤتة وأسهم في سحب الجيش بعد مقتل القواد الثلاثة الذين عينهم الرسول وهم جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة ولم يكن من بينهم خالد.
وكان الرسول قد بعث خالد إلى بني جزيمة من كنانة داعيا ولم يبعثه مقاتلا فوطئ بني جزيمة وأصاب منهم وقتل منهم من قتل بعد أن استأمنهم مخالفا بذلك أمر الرسول، ولما انتهى الخبر إلى الرسول (ص) رفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ثلاث مرات.
ثم أرسل بعده علي بن أبي طالب لإصلاح ما أفسد خالد. (انظر سيرة ابن هشام ج ٤ / ذكر فتح مكة).
وارتبط خالد فيما بعد بما سمي بحروب الردة حيث أسهم بسيفه في تصفية المخالفين لحكم أبي بكر وحين قتل مالك بن نويرة ودخل بامرأته قبل أن تعد طالب عمر بإقامة الحد عليه فمنعه أبو بكر قائلا: ما كان لي أن أغمد سيفا سله الله. من هنا يمكن القول إن فكرة سيف الله المسلول ارتبطت بأبي بكر ولم ترتبط بالرسول.
وكان عمر على خلاف مع خالد ولم يكن راض عنه حتى أنه بمجرد أن تولى الخلافة عزله عن قيادة الجيوش. ولو كان سيف الله حقا ما عزله عمر إذ بهذا الفعل يحرم المسلمين من النصر ويضعف الإسلام.
وكان خالد من حزب أبي بكر وعمر وأبي عبيدة الذين قادوا حركة السقيفة بعد وفاة الرسول وأعلنوا رفضهم للإمام على وآل البيت.
وما يمكن قوله في هذا المضمار إن القبيلة هي التي كانت تهيمن على موقف الصحابة تجاه الإمام علي وآل البيت. وأن الإسلام لا يحول الناس إلى ملائكة. والحق أن سيف الله المسلول هو الإمام علي لا خالد بن الوليد. وقد قال فيه الرسول (ص): لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي..
(أنظر سيرة ابن هشام باب غزوة أحد، والبداية والنهاية ج ٧ / 335، والرياض النضرة للطبري ج 2 / 190، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 209).
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست