الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٤٨
قيل له: فما المانع على هذا أن يكون الدافع للنص بعض الأمة ممن لم تتوجه إليه الآية.
فإن قال: إنما بنيت كلامي على أن الأمة كلها لم تصل بدفع النص فلهذا استشهدت بالآية؟
قيل له: ومن هذا الذي يقول: إن الأمة كلها ضلت بدفع النص حتى يحتاج إلى الاستدلال عليه، وقد مضى في هذا المعنى عند الكلام في النص ما فيه كفاية.
فإن قال: فأي فضل يكون لهذه الأمة على الأمم قبلها إذا كان أكثرها قد ضل وخالف النبي صلى الله عليه وآله ويجب أن يكون أمة موسى أفضل منهم وخيرا لأنهم لم يرتدوا بعد موسى عليه السلام.
قيل له: أما لفظة " خير " وهي عندنا وعندك تبنى على الثواب والفضل، وليس يمتنع أن يكون من لم يخالف النص من الأمة أكثر ثوابا وأفضل عملا من الأمم المتقدمة، وإن كان في جملة المسلمين من عدل عن النص، وليس بمنكر أن يكون من قل عدده أكثر ثوابا ممن كثر عدده، ألا ترى أن أمتنا بلا خلاف أقل عددا من أمم الكفر، ولم يمنع هذا عندك من أن يكونوا خير أمة ولم يعتبر بقلتهم وكثرة غيرهم فكذلك لا يمنع ما ذكرناه من كون أهل الحق خيرا من سائر الأمم المتقدمين وإن كانوا بعض الأمة أقل عددا ممن خالفهم، على أنك تذهب إلى أن قوما من الأمة ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله وطوائف من العرب رجعوا عن أديانهم حتى قوتلوا على الردة، ولم يكن هذا في أمة موسى وعيسى عليهما السلام ولم يوجب ذلك أن تكون أمة موسى وعيسى عليهما السلام خيرا من أمتنا ولا مانع من أن تكون أمتنا خيرا منهم. وإن كان من تقدم قد سلم من الردة بعد نبيه ولم تسلم أمتنا من ذلك. فظهر أنه لا معتبر في الردة، بل المعتبر
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»