الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٤٦
وهذا الاستخلاف والتمكين في الدين لم يتأخر إلى أيام أبي بكر وعمر على ما ظنه القوم بل كان في أيام النبي صلى الله عليه وآله حين قمع الله أعداءه، وأعلى كلمته، ونشر رايته، وأظهر دعوته، وأكمل دينه، ونعوذ بالله أن نقول: إن الله لم يكن أكمل دينه لنبيه في حياته حتى تلافى ذلك متلاف بعد وفاته، وليس كل التمكين هو كثرة الفتوح والغلبة على البلدان، لأن ذلك يوجب أن دين الله تعالى لم يتمكن إلى اليوم لعلمنا ببقاء ممالك الكفرة كثيرة لم يفتحها المسلمون، ولأنه أيضا يوجب أن الدين تمكن في أيام معاوية ومن بعده من بني أمية أكثر من تمكنه في أيام النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر لأن بني أمية افتتحوا بلادا لم تفتتح قبلهم.
ثم يقال له: من أي وجه أوجبت كون التمكين فيمن ادعيت؟ فإن قال: لأني لم أجد هذا التمكين والاستخلاف إلا في أيامهم وقد بينا ما في ذلك وذكرنا أن التمكين كان متقدما وكذلك الاستخلاف على المعنى الذي ذكرناه، وإن قال: لأنا لم نجد من خلف الرسول صلى الله عليه وآله وقام مقامه إلا من ذكرته.
قيل له: أليس قد بينا أن الاستخلاف هاهنا يحتمل غير معنى الإمامة فلم حملته على الإمامة؟ وبعد فإن حمله على المعنى الذي ذكرناه أقرب إلى مذهبك وأجرى على أصولك لأنه إذا حملته على الإمامة لم يعم جميع المؤمنين وإذا حمل على المعنى الذي ذكرناه عم جميع المؤمنين.
وبعد، فإذا سلم لك أن المراد به الإمامة لم يتم ما ادعيته إلا بأن تدل من غير جهة الآية على أن أصحابك كانوا أئمة على الحقيقة، وخلفاء للرسول صلى الله عليه وآله حتى تتناولهم الآية.
فإن قال: دليلي على تناولها لهم قول أهل التفسير. (*)
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»