قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وجملة الأمر أنه تعالى نعتهم بأنهم خيار. وهذا نعت لا يجوز أن يكون لجميعهم، بل يتناول بعضهم ووصف بعضهم بأنه خيار لا يمنع من ردة بعض آخر.
فأما قوله تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار﴾ (١) فلنا في الكلام عليه وجهان: أحدهما أن ننازع في أن السبق ها هنا السبق إلى الاسلام، والوجه الآخر أن نسلم ذلك فنبين أنه لا حجة في الآية على ما ادعوه، والوجه الأول بين لأن لفظة " السابقين " في الآية مطلق غير مضاف، ويحتمل أن يكون مضافا إلى إظهار الاسلام، واتباع النبي صلى الله عليه وآله بل المراد به السبق إلى الخيرات والتقدم في فعل الطاعات، ويكون قوله " الأولون " تأكيدا لمعنى السبق كما يقولون: فلان سابق في الفضل إلى الخيرات سابق فيؤكدون باللفظين المختلفين، وقد قال الله تعالى: ﴿والسابقون السابقون أولئك المقربون﴾ (٢) وقال تعالى: ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله﴾ (٣) فإن قيل: إذا كان المراد ما ذكرتم فأي معنى لتخصيص المهاجرين والأنصار ولولا أنه أراد السبق إلى الاسلام.
قلنا: لم نخص المهاجرين والأنصار دون غيرهم لأنه تعالى قال:
﴿والذين اتبعوهم بإحسان﴾ (4).
وهو عام في الجميع على أنه لا يمتنع أن يخص المهاجرين والأنصار بحكم