الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٤٥
من أن يرجع في ذلك إلى غير ظاهر الآية، فلا يبقى في يده من الآية دليل.
فأما ما تعلق به من قوله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ (١) فأول ما في ذلك أن الآية مشروطة بالإيمان، فيجب على من ادعى تناولها القوم أن يبين إيمانهم بغير الآية وما يقتضيه ظاهرها، ثم المراد بالاستخلاف هاهنا ليس هو الإمامة والخلافة على ما ظنوه، بل المعنى فيه بقاؤهم في أثر من مضى من الفرق وجعلهم عوضا منهم وخلفا.
ومن ذلك قوله: ﴿وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض﴾ (٢) وقوله: ﴿عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون﴾ (٣) وقوله تعالى: ﴿وربكم الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء﴾ (٤) وقد ذكر أهل التأويل في قوله تعالى: ﴿وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا﴾ (5) أن المراد به كون كل واحد منهما خلف صاحبه. وأنشدوا في ذلك قول زهير بن أبي سلمى:
بها العين والآرام يمشين خلفة * وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم (6)

(١) النور ٥٥.
(٢) الأنعام ١٦٥.
(٣) الأعراف ١٢٩.
(٤) الأنعام ١٣٣.
(٥) الفرقان ٦٢.
(6) البيت من المعلقة والعين - بالكسر - بقر الوحش، والآرام: الظباء واحدها ريم بالفتح، وخلفة واحدة بعد واحدة، والاطلاء جمع طلا وهو ولد الظبي الصغير، والمجثم: الموضع الذي يجثم فيه الطائر، أو بمعنى الجثوم - مصدر - أراد إن الدار اقفرت حتى صارت مجثما لضروب الوحش.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»