الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٧١
وإياك يا ابن عفان أن تعاودني فيه بعد اليوم، وما رأينا عثمان قال في جواب هذا التعنيف والتوبيخ من أبي بكر وعمر أن عندي عهدا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه لا أستحق معه عتابا ولا تهجينا (1) وكيف تطيب نفس مسلم موقر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معظم له بأن يأتي إلى عدو لرسول الله صلى الله عليه وآله، مصرح بعداوته والوقيعة فيه حتى بلغ به الأمر إلى أن كان يحكي مشيته، فطرده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبعده ولعنه، حتى صار مشهورا بأنه طريد رسول الله صلى الله عليه وآله فيؤويه ويكرمه ويرده إلى حيث أخرج منه، ويصله بالمال العظيم، ويصله إما من مال المسلمين، أو من ماله، إن هذا لعظيم كبير، قبل التصفح والتأمل، والتعلل بالتأويل الباطل.
فأما قول صاحب الكتاب: (إن أبا بكر وعمر لم يقبلا قوله لأنه شاهد واحد، وجعلا ذلك بمنزلة الحقوق التي تخص) فأول ما فيه أنه لم يشهد عندهما بشئ في باب الحكم، على ما رواه جميع الناس ثم ليس هذا من الباب الذي يحتاج فيه إلى الشاهدين، بل هو بمنزلة كل ما يقبل فيه أخبار الآحاد، وكيف يجوز أن يجري أبو بكر وعمر مجرى الحقوق ما ليس فيها؟
وقوله: (لا بد من تجويز كونه صادقا في روايته، لأن القطع على كذب روايته لا سبيل إليه) ليس بشئ لأنا قد بينا أنه لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وآله إذنا، وإنما ادعى أنه أطمعه في ذلك، وإذا جوزنا كونه صادقا في هذه الرواية، بل قطعنا على صدقه لم يكن معذورا.

(1) تهجين الأمر: تقبيحه.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»