المسور ممن دعاه، فقال مروان وهو يحدثهم: والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين درهما فما فوقه فقال المسور: لو أكلت طعامك وسكت كان خيرا لك. لقد غزوت معنا إفريقية وإنك لأقلنا مالا ورقيقا وأعوانا وأخفنا ثقلا، فأعطاك ابن عمك خمس إفريقية، وعملت على الصدقات فأخذت أموال المسلمين.
وروى الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف أن مروان ابتاع خمس إفريقية بمائتي ألف، أو بمائة ألف دينار، وكلم عثمان فوهبها له، فأنكر الناس ذلك على عثمان.
وهذا بعينه هو الذي اعترف به أبو الحسين الخياط واعتذر ب (أن قلوب المسلمين تعلقت بأمر ذلك الجيش فرأى عثمان أن يهب لمروان ثمن ما ابتاعه من الخمس لما جاءه بشيرا بالفتح على سبيل الترغيب) وهذا الاعتذار ليس بشئ.
ثم قال: (والذي رويناه في هذا الباب خال من البشارة، وإنما يقتضي أنه سأله ترك ذلك عليه فتركه، أو ابتدأ هو بصلته، ولو أتى بشيرا بالفتح كما ادعوا لما جاز أن يترك عليه خمس الغنيمة العائد نفعه على المسلمين، وتلك البشارة لا يستحق أن يبلغ البشير بها مأتي ألف دينار ولا اجتهاد في مثل هذا ولا فرق بين من جوز أن يؤدي الاجتهاد إلى مثله، ومن جوز أن يؤدي الاجتهاد إلى دفع أصل الغنيمة إلى البشير بها، ومن ارتكب ذلك ألزم جواز أن يؤدي الاجتهاد إلى جواز إعطاء هذا البشير جميع أموال المسلمين في الشرق والغرب).
وأما قوله: (إنه فعل ذلك في السنة الأولى من أيامه ولم يتبرأ أحد منه) فقد مضى الكلام فيه مستقصى.