الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
ولكل واحد من القوم مائة ألف وصك (1) بذلك على عبد الله بن الأرقم (2) وكان خازن بيت المال فاستكثره ورد الصك به، ويقال: إنه سأل عثمان أن يكتب بذلك كتاب دين فأبي ذلك. وامتنع ابن الأرقم أن يدفع المال إلى القوم. فقال له عثمان: إنما أنت خازن لنا، فما حملك على ما فعلت؟ فقال ابن الأرقم: كنت أراني خازنا للمسلمين، وإنما خازنك غلامك والله لا ألي لك بيت المال أبدا، فجاء بالمفاتيح فعلقها على المنبر، ويقال: بل ألقاها إلى عثمان فدفعها عثمان إلى نائل مولاه، وروى الواقدي أن عثمان أمر زيد بن ثابت أن يحمل من بيت المال إلى عبد الله بن الأرقم في عقيب هذا الفعل ثلاثمائة ألف درهم، فلما دخل بها عليه، قال له: يا أبا محمد إن أمير المؤمنين أرسل إليك يقول لك: إنا قد شغلناك عن التجارة، ولك ذو رحم أهل حاجة ففرق هذا المال فيهم، واستعن به على عيالك، فقال عبد الله بن الأرقم: ما لي إليه حاجة، وما عملت لأن يثبتني عثمان، والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي على أن أعطى ثلاثمائة ألف درهم ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن أرزأه (3) من ماله شيئا وما في هذه الأمور أوضح من أن يشار إليه وينبه عليه.

(1) صك: كتب، والصك: الكتاب.
(2) عبد الله بن الأرقم القرشي الزهري كانت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمة أبيه الأرقم أسلم عام الفتح وكتب للنبي وأبي بكر وعمر استعمله عمر على بيت المال وعثمان بعده ثم إنه استعفى عثمان من ذلك فأعفاه، ولما استكتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن إليه ووثق به وكان إذا كتب إلى بعض الملوك يأمره أن يختمه ولا يقرؤه لأمانته عنده، وقد ذكر ابن الأثير قريبا مما نقله المرتضى عن الواقدي (انظر أسد الغابة / 3 / 115).
(3) أرزأه: أي أصيب منه، كأنه مأخوذ من قولهم: رزأته رزيئة: أي أصابته مصيبة.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»