وأما قوله: (لو صح أنه أعطاهم من بيت المال لجاز أن يكون ذلك على طريق القرض) فليس بشئ لأن الروايات أولا تخالف ما ذكره، وقد كان يجب لما نقم عليه وجوه الصحابة إعطاء أقاربه من بيت المال أن يقول لهم هذا على سبيل القرض، وأنا أرد عوضه، ولا يقول ما تقدم ذكره، من إنني أصل به رحمي، على أنه ليس للإمام أن يقترض من بيت مال المسلمين إلا ما ينصرف في مصلحة لهم مهمة، يعود عليهم نفعا، أو في سد خلة وفاقة لا يتمكنون من القيام بالأمر معها، فإما أن يقترض المال ليتسع (1) ويمرح فيه مترفي بني أمية وفساقهم فلا حد يجيز ذلك.
فأما قوله حاكيا عن أبي علي: (إن دفعه خمس إفريقية إلى مروان، ليس بمحفوظ ولا منقول) فتعلل منه بالباطل، لأن العلم بذلك يجري مجرى الضروري مجرى العلم بسائر ما تقدم ومن قرأ الأخبار علم ذلك على وجه لا يعترض فيه لك كما يعلم نظائره.
وقد روى الواقدي عن أسامة بن زيد عن نافع مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال أغزانا عثمان سنة سبع وعشرين إفريقية فأصاب عبد الله ابن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة فأعطى عثمان مروان بن الحكم تلك الغنائم، وهذا كما ترى يتضمن الزيادة على الخمس ويتجاوز إلى إعطاء الكل.
وروى الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور (2) قالت: لما بنى مروان داره بالمدينة دعا الناس إلى طعامه، وكان