فأما قوله: (لا يمتنع أن يتعلق بأخبار الآحاد في ذلك، لأنها في مقابلة ما يدعونه مما طريقه أيضا الآحاد) فواضح البطلان، لأن أطباق الصحابة وأهل المدينة إلا من كان في الدار معه على خلافه، وإنهم كانوا بين مجاهد ومقاتل مبارز، وبين خاذل متقاعد معلوم ضرورة لكل من سمع الأخبار، وكيف يدعي أنها من جهة الآحاد حتى يعارض بأخبار شاذة نادرة؟ وهل هذا إلا مكابرة ظاهرة!.
فأما قوله: (إنا لا نعدل عن ولايته بأمور محتملة) فقد مضى الكلام في هذا المعنى، وقلنا: إن المحتمل هو ما لا ظاهر له، ويتجاذبه الأمور المختلفة.
فأما ما له ظاهر فلا يسمى محتملا، وإن سماه بهذه التسمية فقد بينا إنه مما يعدل من أجله عن الولاية، وفصلنا ذلك تفصيلا بينا.
فأما قوله: (إن للإمام أن يجتهد رأيه في الأمور المنوطة به، ويكون مصيبا وإن أفضت إلى عاقبة مذمومة) فأول ما فيه أنه ليس للإمام ولا غيره أن يجتهد في الأحكام، ولا يجوز العمل فيها إلا على النصوص، ثم إذا سلمنا الاجتهاد فلا شك أن ها هنا أمورا لا يسوغ فيها الاجتهاد، حتى يكون من خبرنا عنه بأنه اجتهد فيها غير مصدق وتفصيل هذه الجملة يبين عند الكلام على ما تعاطاه من الأعذار في أحداثه..
ثم ذكر صاحب الكتاب أن عثمان اعتذر مما ينسب إليه من الأحداث، وذكر عنه أعذارا نحن نتكلم عليها فيما بعد عند استقصاء صاحب الكتاب لشرحها، فإنه أشار في هذا الموضع إلى جزء من جملة ما سنذكره عنه، وأدخل في جملة الموافقة على الأحداث غيبة عثمان عن بدر، وهربه يوم أحد، وأنه لم يشهد بيعة الرضوان، وحكي عن عثمان.