قلنا: لا جرم أنه غر رسول الله صلى الله عليه وآله وكذب على القوم حتى نزلت الآية التي قدمنا ذكرها فعزله وليس خطب ولاية الصدقة خطب ولاية الكوفة فأما عمر لما بلغه قوله:
إذا ما شددت الرأس مني بمشوذ * فويلك مني تغلب ابنة وائل (1) وأما عزل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أمرائه لما ظهر منه الحدث كالقعقاع بن شور وغيره وكذلك عزل عمر قدامة بن مظعون لما شهدوا عليه، بشرب الخمر وجلده له فإنه لا يشبه ما تقدم لأن كل واحد ممن ذكرناه لم يول الأمر إلا من هو حسن الظن عند توليته فيه، حسن الظاهر عنده وعند الناس، غير معروف باللعب، ولا مشهور بالفساد، ثم لما ظهر منه ما ظهر لم يحام عنه، ولا كذب الشهود عليه وكابرهم، بل عزله مختارا غير مضطر وكل هذا لم يجر في أمراء عثمان، ولأنا قد بينا كيف كان عزل الوليد، وإقامة الحد عليه.
فأما أبو موسى فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يوله الحكم مختارا، لكنه غلب على رأيه وقهر على أمره ولا رأي لمقهور.
فأما قوله: (إن ولاية الأقارب كولاية الأباعد، بل الأباعد أجدر وأولى أن يقدم الأقارب عليهم، من حيث كان التمكن من عزلهم أشد) وذكر تولية أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله وعبيد الله وقثما بني العباس، وغيرهم فليس بشئ، لأن عثمان لم تنقم عليه تولية الأقارب من حيث كانوا أقارب، بل من حيث كانوا أهل بيت الظن والتهمة، ولهذا حذره عمر منهم وأشعر بأنه يحملهم على رقاب الناس، وأمير المؤمنين عليه