فأما زيد بن ثابت فقد روى ميله إلى عثمان، فما يعني ذلك وبإزائه جميع الأنصار والمهاجرين. ولميله إليه سبب معروف قد روته الرواة فإن الوافدي قد روى في كتاب الدار أن مروان بن الحكم لما حصر عثمان الحصر الأخير جاء إلى زيد بن ثابت فاستصحبه إلى عائشة ليكلمها في هذا الأمر فمضيا إليها وهي عازمة على الحج، فكلماها في أن تقيم وتذب عنه، فأقبلت على زيد بن ثابت فقالت: وما منعك يا ابن ثابت ولك الأساويف (1) قد قطعها لك عثمان، ولك كذا وكذا، وأعطاك من بيت المال زهاء عشرة آلاف دينار قال زيد: فلم أرجع عليها حرفا واحدا قال: وأشارت إلى مروان بالقيام فقام مروان وهو يقول متمثلا:
وحرق زيد علي البلا * د حتى إذا اضطرمت اجذما (2) فنادته عائشة وقد خرج من العتبة يا ابن الحكم أعلى تمثل الأشعار!
قد والله سمعت ما قلت، أتراني في شك من صاحبك؟ والذي نفسي بيده لوددت أنه الآن في غرارة (3) من غرائري مخيطة عليها فألقيها في البحر الأخضر (4) قال: زيد فخرجنا من عندها على الناس (5).
وروى الواقدي أن زيد بن ثابت اجتمع عليه عصابة من الأنصار، وهو يدعوهم إلى نصر عثمان، فوقف عليها جبلة بن عمرو بن حية